نوابنا.. وحرمة فوائد البنك البريطاني

تطالعنا صباح كل يوم «بوستات» تتضمن صوراً، تشعرك بالملل، لوجوه نواب، يصعب وصفها، تجمع بينها غالباً لحى غانمة، وتقاطيع قاسية وخشنة، وهي تطرح اقتراحات وآراء تصب في تحويل الدولة إلى ما يشبه أفغانستان طالبان، وكأن العالم، بملياراته الثمانية، وحتى بدوله الإسلامية المتعددة، على خطأ، وهم فقط، بعددهم الذي لا يتجاوز الثلاثين، على حق، وأنهم يعلمون ما لا نعلمه، ومن حقهم جرنا، ولو عنوة، لحظيرة الإيمان، بحسب رؤاهم ومعتقداتهم. يحدث كل ذلك وأعضاء الحكومة فاغرو الأفواه، غير قادرين أو راغبين في وقف هذا الشطط الديني، وهذا الغلو، وهذا الإسهال والجنوح الخطر نحو إرضاء المواطنين وإشعارهم وكأن السماء ستمطر عليهم مزايا ومنحاً وزيادات وثروات، وما عليهم غير الانتظار وقبول قدوم الدولة الدينية، التي سيكونون هم قادتها. يحدث ذلك لأن أوان الحاجة لأصوات هؤلاء النواب للبت في قرارات مصيرية يقترب، وهم يعرفون ذلك، وبالتالي لا يودون أن تفوتهم الفرصة لفرض رؤاهم الكالحة علينا، حتى لو أفلست الدولة!
***
تقدم خمسة نواب باقتراح إعادة أسعار الوقود إلى ما كانت عليه قبل عام 2016. كما قام النواب العازمي ونايف والعبيد والطمار بتقديم مقترح منع الاختلاط في الجامعة والتطبيقي، وحتى المدارس الخاصة!

كما تقدم النايف والمطير وشعيب وغيرهم بمقترح قانون ينص على زيادة راتب كل موظف وعسكري وإطفائي بمبلغ 400 دينار، بمن في ذلك المتقاعدون، وحتى متلقو دعم العمالة، وهذا يعني صرف ثلاثة مليارات دينار سنوياً كزيادات؟! وفي مقترح آخر طالب نواب، من الشاكلة نفسها، بإنشاء هيئة تدير أموال قياديي الدولة، وهذه فكرة لم يفكر فيها برلمان في العالم، منذ فجر التاريخ!

زايد النواب نفسهم تقريباً على أنفسهم بمشروع قانون يسمح بتوزيع %20 من عائدات احتياطي الأجيال القادمة على المواطنين الذين بلغوا سن الرشد، وعددهم 800 ألف! وهذا يعني صرف أكثر من ملياري دينار، على هبات عبثية! وزادوا عليه بمقترح صرف مبلغ 600 دينار شهرياً لكل ربة بيت متزوجة!

كما طالب غيرهم بمنح «الأرامل والمطلقات» قروضاً، ودعم مواد البناء، وزيادة بدل الإيجار، ومضاعفة مكافأة الطلبة، وجعل علاوة الأولاد 100 دينار بدلاً من خمسين، من دون سقف لعددهم، وزيادة العلاوة الاجتماعية لربات البيوت لـ800 دينار، وجعل الحد الأدنى لراتب التقاعد 1500 دينار، وإلغاء فوائد استبدال الراتب من التأمينات، وتعويض متضرري النصب العقاري، بما لا يقل عن 20 مليار دينار! كما طالب النواب الطشة والمطر وفهاد والدمخي والعتيبي بإسقاط فوائد القروض عن المواطنين، وتنازل الدولة عن فوائد ودائعها في البنوك المحلية! لكن ماذا عن فوائدها في البنوك الأجنبية؟

المطالبة الأخيرة ذكرتني بحادثة سبق أن تطرقت إليها، وقعت بعد فترة من تأسيس البنك الوطني عام 1952، حيث صدرت فتوى من مراجع دينية في العراق أو إيران تحرم على الأفراد تلقي فوائد على ودائعهم من البنوك الوطنية، واستمرار تلقيها من البنوك الأجنبية (البنك البريطاني حينها)، لأن في تلقيها إيذاء لها على كفرها!

فهل سكوت النواب عن استمرار تلقي الحكومة للفوائد على ودائعها لدى البنوك الأجنبية، والتي تبلغ المليارات، يعود إلى رغبتهم في «الإضرار بالبنوك الكافرة»؟

بوجود نواب كهؤلاء لا نحتاج لأعداء، لا داخلياً ولا خارجياً!!

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top