عبدالهادي ومصر والأردن

ورد على لسان النائب، ومدرس التاريخ الجامعي السابق، عبدالهادي العجمي، أن وفداً أرسل إلى مصر والأردن لدراسة ابتعاث طلبة لدراسة الطب فيهما، وكان ذلك في عام 2015. وبعدها بثماني سنوات تم إرسال وفد آخر، للدولتين، وعاد الوفد بقرار عدم صلاحية تدريس الطب فيهما، فتم وقف الابتعاث!
***
الحقيقة غير ذلك تماماً، ومن مصادر لا مصلحة لها لأن تفتري على أي جهة. كما أنهم شهود عيان، وكانوا جزءاً من الوفد الأول في 2015، والوفد الثاني في 2023.

كان الكثيرون من خريجي الثانوية يلتحقون للدراسة في كليات الطب في مصر والأردن، وغالباً على حسابهم الخاص. ومع تزايد الشكاوى من مستواهم الدراسي، قام وفد عام 2015 من التعليم العالي والصحة بزيارة للدولتين، واكتشفوا أن الوضع فيهما بحاجة إلى تطوير كبير، فوضعوا مجموعة من الاشتراطات لجامعاتهما تتعلق برفع مستويات القبول، وتخفيض الكثافة الطلابية، وأن يكون التدريس كاملاً، والحضور منضبطاً، وتمت الموافقة عليها.

بعد عودة الوفد، وتخرج دفعتين من طب مصر والأردن، تلقت التعليم العالي شكاوى من الصحة تفيد باستمرار تدني مستوى خريجي الطب من الدولتين، وشكوك الوزارة في أن بعضهم «أطباء» أصلاً! وطلبت وقف الابتعاث فوراً، فكل من تخرجوا بحاجة إلى إعادة تأهيل وتدريب مكثف، وهذه عملية مكلفة، وصعبة جداً!

لمنع القيل والقال، تم تشكيل وفد آخر، قبل بضعة أشهر، من الجهات المعنية، وزار الوفد الدولتين، واكتشف أن جميع الاشتراطات التي تعهدت تلك الكليات بالتزامها لم ينفذ منها شيء، بل أصبح الوضع أكثر سوءاً، حيث تبين أن في الأردن مثلاً يتم سنوياً قبول 2000 طالب طب، يوزعون على 4 قاعات دراسة، ولهم محاضر واحد، وأن عدد الكويتيين بينهم يبلغ 500، ومن زيارة ميدانية واحدة تبين وجود طالبة كويتية واحدة، والبقية لا يحضرون، وبالسؤال تبين أنهم يقومون تالياً بالاستماع إلى المحاضرات من خلال فيديوهات مسجلة!

كما تبين للجنة غياب أي رقابة على الحضور والغياب. وبزيارة الوفد لأحد المستشفيات، تبين عدم التزام الطلبة الدورات الإكلينيكية، المهمة جداً لدارس الطب. كما اتضح لأعضاء الوفد أن نسبة القبول في كلية الطب متدنية، ومن حق وزير التربية في تلك الدولة تخفيضها إلى %75، وكانت الطامة الكبرى أن التساهل في كل تلك الاشتراطات يطبق على طلبة الكويت فقط.

عاد الوفد، وأوصى بالمنع الفوري لابتعاث أي طالب لدراسة الطب في مصر والأردن.

نتمنى من النائب التعليق على الحقائق أعلاه، و«تصحيحها» أو امتلاك الشجاعة والاعتراف بأنه كان على خطأ!
***
في السياق نفسه، وفي فترة سابقة، تجاهلت كل أجهزة الدولة موضوع تورط 40 ألف طالب وطالبة في عمليات غش كاملة في الاختبارات الأخيرة، وما نتج عنها من تحقيق الكويت عام 2022–2023 لأعلى نسبة تفوق في تاريخ العالم، وكان آخر تداعيات ذلك التفوق رفض جامعة مالطا، التي لا تعتبر الأفضل، ولا قريبة منه، والدولة الأكثر حاجة لمن يلتحق للدراسة في جامعاتها، رفض قبول 12 طالباً وطالبة لدراسة الطب فيها، لتدني مستواهم، وعجزهم حتى عن اجتياز المقابلة الشخصية!!

لا هذه القصة المؤلمة، ولا عشرات غيرها، يمكن أن تحرك ضمير مسؤول سياسي أو برلماني ليعطي ولو بعض الاهتمام لهذا الموضوع البالغ الأهمية، وهذه مصيبتنا!
***
يقول صديق عمل في «التربية» لعقود عدة إنه عُين عضواً في «المجلس الأعلى للتعليم»، المعني بتطوير التعليم، ووضع سياساته، ورؤاه المستقبلية. وإن المجلس اجتمع مرتين في السنة الأولى، كانت إحداها بروتوكولية وللتعارف. وفي السنة الثانية اجتمع مرة واحدة، وبعدها لم يجتمع. كما لم يتم الأخذ، أو حتى مناقشة، أي من المقترحات أو الآراء التي تم تقديمها من الأعضاء للوزير، الذي تغير مرتين في السنوات الثلاث، وأن عضويتهم انتهت، بعد أن قبض كل عضو 12 ألف دينار، مقابل قيادة السيارة خمس مرات، على مدى ثلاث سنوات، لمكان الاجتماع والعودة إلى البيت، من دون القيام بشيء، والحسرة تملأ القلب، ولا يزال الوضع كما هو!

حدث هذا ويحدث وسيحدث مع أهم وأخطر مجلس أعلى في الدولة، فكيف ببقية المجالس من مرور وسرور وحبور؟

وبعدها يأتي وزير ليقول إننا لم نحقق شيئاً من خطة 2035، ويجب «مطها» لعام 2040.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top