فرصة لتحقيق الشعبية المفقودة

حكومتنا ليست في أفضل أحوالها، وهي بحاجة حقيقية لاتخاذ قرارات ترفع من مستوى معيشة المواطن، وهذا لا يمكن أن يتم برش الأموال النقدية عليهم، وإسقاط قروضهم، وإعفائهم من فوائد ديونهم، على الرغم من أنها الأسهل، لكنها الأكثر إفساداً وضرراً، وهذا ما انتبهت له حكومات وأفراد، منهم الفرد نوبل، الذي قام عام 1895 بتكريس مبلغ ضخم في وصيته، ليستثمر من قبل مجلس أوصياء، ويستخدم ريعه سنوياً لمنح جوائز للمبدعين في عدة مجالات علمية وإنسانية، ولتصبح من أكثر الجوائز المرموقة عالمياً، ولم يقم بتوزيع أمواله نقداً في حينها على أسرته وعلماء عصره، فخلد اسمه التاريخ وشكرته البشرية لمئة عام، مضت، ولمئات قادمة.
***
ليس هناك أكثر إفساداً من نظام الجمعيات التعاونية، فقد تسبب في تخريب ذمم المئات من إداريي هذه الجمعيات ومجالس إداراتها، بحيث لم يتبق مجلس منها لم يحل للتحقيق أو النيابة. كما فشلت جميعها تقريباً في تحقيق معدلات نمو جيدة أو تقديم خدمات مميزة لأهالي المنطقة، على الرغم من أن كامل أراضي ومباني هذه الجمعيات، التي تبلغ قيمتها مليارات الدنانير، مقدمة مجاناً من الدولة، ومع هذا تقوم شركات الأسواق المركزية بغزو هذه المناطق السكنية وفتح فروع فيها، وتقديم أسعار وخدمة أفضل لسكان المنطقة، وهذا ربما أكبر دليل على فشل جمعياتها التعاونية!

لعلاج وضع الجمعيات الخرب، قام بعض أصحاب الضمائر بتقديم مطالبات جادة لعدد من وزراء الشؤون، ومجلس الوزراء، مطالبين بكف يد مجالس إدارة الجمعيات عن التدخل في إدارة السوق المركزي، وبقية الأنشطة، وتسليمها لشركات محلية وعالمية متخصصة أكثر قدرة وخبرة في إدارتها، والتفرغ لمراقبة أدائها. لكن هذا المقترح لم يلق أذناً صاغية، لأسباب معروفة، على الرغم من أن منطقة سكنية قامت بتطبيقه، مجبرة، وحقق سوقها المركزي أرباحاً غير مسبوقة في تاريخ تلك المنطقة!

كما تقدم مسؤولون كبار، سابقون، بمقترح مفصل لمجلس الوزراء، ينص على إصدار قرارات من المجلس تسمح للجمعية العمومية للجمعيات بالاجتماع والتصويت على تحويل جمعية المنطقة إلى «شركة مساهمة»، تقوم باستئجار الأرض والمباني من الدولة، ضمن شروط سهلة وميسرة، وهذا سيتيح للمشروع حتمية النجاح، وطرح أسهمه لاحقاً في السوق الموازي، بحيث يصبح بإمكان أهالي المنطقة بعد بضع سنوات بيع وشراء أسهمها بسهولة وتحقيق أرباح ضخمة من مساهماتهم في الشركة، وهذا ليس نوعاً من الخصخصة، فالأهالي هم من يمتلكون الجمعية، وهم من سيستمرون في امتلاك الشركة الجديدة.

المشروع مدروس بعناية ويجيب عن مختلف الأسئلة، وسيحدث تغييراً إيجابياً في الوضع المالي لأهالي المنطقة، ويعزز قدرتهم على إدارتها بطريقة أكثر احترافية وأقل سوءاً وفساداً بكثير. ومن يرغب في الحصول على معلومات أكثر عن الموضوع الاتصال بنا لتزويده بذلك.
***
حكوماتنا، التي عرف عنها تاريخياً، التردد في اتخاذ القرارات المهمة، حتى السهلة والمجدية جداً، كهذه الفكرة، مطالبة بالتحرك، فليس في هذا المقترح خاسر إلا المجالس الفاسدة. وهذه فرصة الحكومة لتحويل فكرة الجمعيات إلى منجم من الفرص الجيدة مادياً واجتماعياً.

ملاحظة: بسبب الهبوط الحاد، خلال شهر أغسطس، في عدد قراء المقالات «أونلاين»، وغالباً أكثر من ذلك على النسخة الورقية، فقد قررت التقليل من نشر المقالات اليومية، وإلى إشعار آخر!

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top