قارئ الفنجان الكويتي

اصبت بالدهشة المشوبة بالحزن، عندما علمت أن هناك ما يقارب الثلاثمائة ألف موظف يعملون في الجهاز الحكومي، فهذا لا يعني فقط انهم يشكلون اكبر حزب وقوة ضغط في الدولة على الحكومة والمجلس، وما حدث في مجزرة الكوادر الأخير خير دليل، بل ويعني أن ما يبتلعه هذا الجيش من موارد الدولة، من رواتب وخدمات، كاف لخنق أي خطة تنمية حقيقية.
ان هذا التضخم الوظيفي ليس ذنب هؤلاء الباحثين عن اي عمل محترم ومجز ماديا، فالحكومة هي المسؤولة عن هذا التسيب والانفلات الوظيفي، ومسؤولة أيضا عن انعكاس الوضع، بحيث اصبح النزوح الوظيفي، و للمرة الأولى في تاريخ الكويت، وربما العالم، من القطاع العام الى الخاص الأقل ارهاقا والأكثر دفعاً. والمؤسف فوق هذا وذاك، أن كل هذا العدد الهائل من الاداريين، وما اقل الفنيين بينهم، لم يستطع تقديم خدمة مجزية، فتجاربنا وغيرنا معه مريرة جدا، وكان آخرها محاولتي الحصول على ترخيص بناء مخزن بسيط في منطقة الري، وهنا أكرر: مخزن بسيط، وليس مختبر أدوية أو ثلاجة مواد غذائية او مصنعا للمواد المشعة! فقد تطلب الأمر مرور ألف يوم، أي أكثر من 3 سنوات، للحصول على الترخيص رغم عدم وجود اي عوائق أو مشاكل أو مخالفات أو طلبات غير معقولة، بل ضاع الوقت في كتابنا وكتابكم، وهات هذا المستند، وابحث عن تلك الشهادة، واحصل على هذا التوقيع، ولتمر الأيام الألف ونحن نسند خدودنا على راحات أيدينا!
تجربتي الثانية كانت في ترخيص بناء شبرة، يا ناس شبرة كيربي، وليس مهبطا ولا حظيرة طائرات، وهذه بسلامتها تطلبت مرور ثمانية أشهر كاملة.
والآن كيف يا سيدي الكريم، يا وزير التخطيط والتنمية، رغم كل مزاياك العالية وهمتك الأعلى وصادق نواياك وشديد رغبتك في أن تخلق شيئاً، تستطيع ان تمرر معاملاتك ضمن مثل هذا الجهاز المتعب والمترهل والأبعد ما يكون عن الكفاءة، دع عنك الاخلاص وحب العمل والتفاني في أدائه؟
يغني عبد الحليم حافظ على لسان نزار: «وسترجع يوماً يا ولدي مهزوماً مكسور الوجدان، وستعرف بعد رحيل العمر بأنك كنت تطارد خيط دخان، فحبيبة قلبك يا ولدي ليس لها أرض أو وطن أو عنوان»! ولكن لا نقول الا اللعنة على التشاؤم، ونتمنى مع الزميلة اقبال الأحمد ان يزأر الأسد!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top