1957 – 2023

أُجري أول تعداد للسكان في تاريخ الكويت قبل 65 عاماً، وكنت واعياً حينها، وأتذكر زيارات المندوبين لبيتنا، وبيوت الجيران، وجلوسهم على الأرض لتدوين البيانات، وشكوك البعض في أهدافهم، بسبب طرح أسئلة مثيرة للريبة، خصوصاً مع مرافقة الشرطة لهم.
***
نشرت كل بيانات التعداد حينها في الجريدة الرسمية «الكويت اليوم»، العدد 211، وتضمنت تفاصيل كثيرة كانت محل استرشاد جهات عدة، سكانية وأمنية، وفي مجالات التخطيط الاقتصادي والتعليمي والاجتماعي والصحي للسكان، وبالذات مع تزايد تدفق عائدات النفط، والحاجة إلى بناء مدن ومرافق جديدة.

تضمنت الإحصائيات معلومات محزنة، وأخرى في غاية الطرافة، وبيّنت أموراً كان يمكن تجنبها، لكن «أهل ذلك الزمن» اجتهدوا بقدر استطاعتهم، ولم يمنع ذلك من وقوع مخالفات ضخمة ورهيبة، التي لولا الحكمة التي اتسم بها الشيخ المؤسس عبدالله السالم، وسياسة الحزم التي اتبعها مع الكبار، لكان الوضع أسوأ بكثير.
***
بلغ إجمالي سكان الكويت 206 آلاف عام 1957، مقارنة بعددهم اليوم (4.450 ملايين نسمة)، نسبة الكويتيين بينهم زادت على النصف بقليل، ولكنها انحدرت إلى %30 تقريباً اليوم، وهذا أمر طبيعي، مع زيادة الحاجة إلى الأيدي الماهرة والخبرات الأجنبية، وكان من الممكن أن تكون نسبة الكويتيين أقل من ذلك بكثير، لولا سياسة التجنيس العشوائي، التي استفاد منها الكثير، وغالباً من دون سبب مشروع، وأصبح بعض هؤلاء من غلاة متطرفي الأحزاب الدينية، لأنهم عرفوا أنها الجهة التي توفر لهم الحماية والغطاء، حتى لو انكشف أمرهم، كما استفاد صاحب الهداهد!
***
بلغ سكان العاصمة في إحصاء 1957 أكثر من 104 آلاف مواطن، بينما هي تخلو اليوم من المواطنين، وهذه ظاهرة تنفرد بها الكويت. كما كان سكان جزيرة فيلكا 2442 فرداً، واليوم لا أحد تقريباً.

كما كان عدد المصريين يومها 1734 فرداً، واليوم يتجاوز 670 ألفاً. والهنود كان عددهم 4100 وأصبحوا اليوم أكثر من مليون بقليل.

والطريف ملاحظة وجود 7 كنديين، و164 أميركياً، و177 من أميركا الجنوبية، و23 أسترالياً، و2371 بريطانياً، و612 أوروبياً، وربما كان أغلبية هؤلاء يعملون في صناعة استخراج وتصدير النفط، أو مستشارين لدى الحكومة.

كما لم يزد عدد مواطني شرق آسيا على 345 فرداً، ويقارب عددهم اليوم المليون. أما الفلسطينيون والأردنيون، فقد كان عددهم 15 ألفاً، ووصل في ذروته إلى قرابة نصف مليون قبل أن ينحدر إلى %7 من ذلك الرقم. أما السوريون، فلم يتجاوز عددهم الألفين حينها بكثير، واليوم هم أكثر من 160 ألفاً، بسبب أوضاع الحرب الأهلية في وطنهم.

في السياق نفسه، بيّنت «المعلومات المدنية» قبل أيام أن حجم الزيادة السكانية خلال الـ32 عاماً الماضية بلغ 939 ألف نسمة (1500000 ــ 578000) موزعين على 313 ألف أسرة. وبلغت الزيادة السنوية 28.7 ألف كويتي، بينما كان معدل الزيادة السنوية يتراوح بين 25 و32 ألف نسمة، باستثناء عام 1993، الذي شهد زيادة سنوية قدرت بـ78.9 ألف نسمة، ومعروف السبب؟
***
غالباً ما ينظر إلى معدل الخصوبة على مستوى الإحلال، وهو المعدل الذي يحل فيه السكان محل أنفسهم من جيل إلى جيل من دون هجرة، على أنه معدل مواليد مقبول. يقدر معدل الخصوبة بمستوى الإحلال عادة بحوالي 2.1 ولادة لكل امرأة. ومع ذلك، فقد يختلف هذا المعدل من بلد إلى آخر. لذا، يشكك الكثير في معدل الزيادة في الكويت، وفي أرقام هيئة المعلومات المدنية.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top