أحلام بثينة ومركز وعكر

ذهبت بثينة للدراسة في أميركا، ثم عادت للكويت وعاشت فترة، ولكن أجبرها وضعها على العودة لأميركا لإكمال دراستها، وهناك وقعت في الحب وتزوجت واستقرت في وطنها الجديد.
تقول بثينة إنها طالما تساءلت، وحتى وهي صغيرة، لماذا كانت أمها تحرص على عزلها عن اخواتها، ولماذا كان الجميع حولها يود ان يشعرها بأنها، كأنثى، «مشكلة» وعالة وقضية يجب الانتباه إليها، ولم تدرك إلا في مرحلة متأخرة أن إنسانيتها، بنظر حتى الأقربين لها، ناقصة، ولا يمكن أن تتساوى مع غيرها من الذكور، حتى ولو كانت أفضل منهم في كل شيء! وتقول إنها رضيت بنصيبها، أو كادت، وكان من الممكن أن تتخذ الموقف ذاته مع بناتها مستقبلا، لولا التطور الذي طرأ على حياتها. وتقول إن ما لم تتقبله ابدا في محيطها هو ذلك الحرص على ألا نكون سعداء في حياتنا، وأن نكون جادين أكثر من اللازم، فالضحك، خصوصا بصوت عال أمر ممجوج، والقهقهة، وبخاصة إن صدرت من فتاة، فإنها معيبة، ومن تفعل ذلك فهي «بيعارية» أو أنها «ما تستحي»! وانها عندما تقارن الطريقة التي تحتفل بها مختلف المجتمعات بأعيادها، وخصوصا في أميركا، تشعرها بالحزن على ما يلقاه أهلها، وبخاصة الشباب منهم، من شح احتفالي، مقارنة بما تلقاه هناك من اجواء مبهجة طوال العام تقريبا، فالأعياد والمناسبات المفرحة تتوالى طوال السنة من عيد فطر جميل إلى نوروز وكريسماس وهالاويين وعيد الشكر، مرورا بالهانوكاه وغيرها الكثير. وتتساءل عن سبب تأجيلنا للسعادة لما بعد الموت، وهل نحن محقون في ذلك، ولماذا علينا طلب الستر والرحمة عندما نضحك كثيرا في مجلس ما ونأمل في ان ينتهي الأمر على خير؟ فما سبب كل هذا الحذر وهذا الميل للشعور بالتعاسة؟ ولماذا تكون حتى أعياد ميلاد انبيائنا و«ائمتنا» مدعاة للحزن أكثر منها للفرح والبهجة، بحيث لا تختلف طريقة الاحتفال بها عن طريقة إقامة مجالس العزاء بمناسبة ذكرى وفاتهم؟ وتقول إنها عاشت في بيئة سعيدة ومريحة، ولكنها لا تتذكر انها رأت أمها يوما فرحة، بمعنى الفرح الحقيقي، فكل شهر والآخر هناك عزاء ومجلس و«قراية»، وانها لا تتذكر مناسبة واحدة فرحة في حياتها وهي طفلة غير الذهاب لبيت جدها لتستلم، بطريقة مهينة إلى حد، «العيدية النقدية» ممن هم أكبر منها سنا، والذكور بالذات! وتقول انها لم تسمع يوما الموسيقى في بيت أهلها غير ما يصدر مصادفة من التلفزيون، فلا رقص ولا موسيقى ولا اختلاط ولا ضحك! وتنهي رسالتها بالقول إنها وقد بلغت الخمسين الآن، كانت سترضى بكل ذلك لو أنها لمست، بعد كل هذا الحزن والشعور بالتعاسة والغم والهم المستمر الذي يحيط بنا، انه سيؤدي في مرحلة منا لجعلنا بشرا أفضل من غيرنا، ولكنها بعد نصف قرن تقريبا، لم تلاحظ أي تطور أو تحسن في أخلاقياتنا ومثلنا وطريقة معيشتنا، بل بقينا كما نحن، هذا إن لم نتخلف أكثر ونتشدد مذهبيا أكثر ونوغل في عدائنا للآخر أكثر، وما اكثر عدد هذا الآخر، كما لم يكن لهذا الحزن أي فعل إيجابي، فلا اختراعات ولا اكتشافات ولا تميز ولا فوز بأي جائزة، ولا إبداع في أي مجال ولا حتى شجاعة غير عادية، بالرغم من أننا ننادي يوميا بالتضحية وبحب الشهادة، ونردد «لا حول ولا قوة إلا بالله»!
اسئلة بثينة كثيرة ومثيرة وتحتاج الى مجلدات للإجابة عنها.
• • •
• ملاحظة: ورد في موقع وعكر، نداء لمقاطعة شركات ومنتجات «النصارى»! وحدد شركات إعلام واتصال وأغذية في غالبيتها مصرية أو لبنانية! ولم يجرؤ طبعا على المطالبة بمقاطعة شركات الأدوية والسيارات والطائرات والأجهزة الطبية الغربية، لأنه يعرف أن لا أحد سيرد عليه، ولا حتى هو، الأكثر حاجة من غيره الى دواء الأعصاب!

الارشيف

Back to Top