وعود الربيعان

باشر الأكاديمي السابق «عصام الربيعان» عمله يوم الخميس الماضي رئيساً جديداً لديوان الخدمة المدنية، الجهة المعنية بالتوظيف المدني، والتي دار لغط كثير حولها في السنوات العشر أو العشرين الماضية.
استشعاراً من المدير الجديد لهذا اللغط، صرح لـ القبس، في كلمة أثناء مرافقتها له في إدارات الديوان، بأنه سيباشر عمله الجديد، ولديه إستراتيجية عمل واضحة (ولا أدري حقيقة متى وضعها، وكيف أصبحت واضحة، ولكن سنحسن النية)!!

 كما بيّن أن أولوياته تتلخص في تكويت الوظائف في الديوان، وإلغاء المعاملات الورقية، وتبسيط الإجراءات، وأنه سيتقدم قريباً برؤية إستراتيجية بشأن التنمية البشرية للكوادر الوطنية، تمهيداً لتطبيقها في الديوان!
***
كلام الأستاذ الربيعان واضح وجميل، ونتمنى أن يوفق في تحقيق خططه وتطلعاته، وأن «تُمكّنه الحكومة» من تنفيذ «إستراتيجيته»، مع شكوكي بحاجة الديوان إليها، أكثر من حاجته لإصلاحات داخلية جذرية.
***
عندما يتسلم المسؤول الحكومي وظيفته في الكويت، يتطلب قانون «نزاهة» أو هيئة مكافحة الفساد تزويدها بكشف يبين كل ملكياته، المنقولة وغير المنقولة، ومقارنتها تالياً بما أصبح لديه بعد انتهاء مهمته، ومحاسبته أو سؤاله إن وجد فيها ما يتطلب ذلك. وللعلم فقط، فمنذ تأسيس نزاهة لم نسمع، وحتى اليوم، أنها أحالت أي موظف حكومي إلى التحقيق أو النيابة نتيجة تضخم أرصدته، فهل يعني هذا أن كامل الإدارة الحكومية خالية من الفساد، وأنهم من الملائكة؟
***
قياساً على ذلك، فقد أطلق السيد الربيعان مجموعة وعود متفائلة تتعلق بما ينوي القيام به في عمله الجديد، وتحديداً تقديم إستراتيجية عمل جديدة، وتكويت وظائف الديوان، وإلغاء أو تقليل المعاملات الورقية، واستبدال معاملات إلكترونية بها، مع تبسيط الإجراءات!

ولكن ما سمعناه من رئيس الديوان الجديد، مع كامل الاحترام له، سبق أن تكرر سماعه من عشرات المسؤولين قبله، طوال السنوات العشرين الماضية، على الأقل. وربما حاول بعضهم تنفيذ ما وعد به، ونجح قليلاً أو كثيراً، وربما لم يفعل شيئاً، وكان مخادعاً حيث وعد بإصلاحات ليسكت معارضيه، لعلمه أن الذاكرة الجمعية الكويتية ضعيفة، وسرعان ما تنسى!

وعليه، فإننا نتمنى من السيد الربيعان، الذي لفت انتباهي عدم استخدامه لحرف الدال أمام اسمه في تغريداته، أن يزود الجمهور بأرقام واضحة تتعلق بالوضع الحالي، وأن يعقد مؤتمراً صحافياً يبين فيه ما يزمع القيام به. على أن تتبع ذلك مؤتمرات صحافية تبين ما تم القيام به، والخطوات التي اتخذها في تطوير الديوان، وعدد الموظفين «المعارين» الذين تم الاستغناء عنهم، والعمليات التي أصبح بإمكان المراجع إنهاؤها بطريقة إلكترونية، غير ورقية!

فبعد مرور ثلاث أو خمس سنوات من تكليفه بالمهمة، وهذه ستمر سريعاً، فلن نعرف، بغير قيامه بإبلاغ الرأي العام بما قام به، وما حصل بالفعل في هذا الجهاز الحساس، وهل نجح في تحقيق ما وعد به، وبأية نسبة مئوية؟

هذه عينة من الإصلاحات المنشودة، وليس النزول إلى الشارع، وقيام المسؤول بمقابلة المراجعين وتلبية طلباتهم، وقيام المدير أو الوزير بمقابلة المعتصمين وتلبية وعودهم بزيادات الرواتب والعلاوات، وتقليل ساعات العمل!

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top