جامعة الشرق الأوسط الأميركية.. مثالاً!

لا يوجد في الكويت نظام ضرائب على الدخل، وبالتالي لا تستطيع البنوك والشركات الكبيرة التبرّع بجزء من ضرائبها وتوجيهها للتعليم مثلاً. كما أن ضريبة الزكاة، التي تستقطع من أرباح الشركات المساهمة، تضيع في كواليس وزارة المالية، وبالتالي لا مجال هناك لتأسيس جامعات خاصة مرموقة من غير الاستعانة بالقطاع الخاص، الباحث عن الربحية مع تقديم خدمة بالغة الأهمية للمجتمع. كما أن مجتمعاتنا لم تشتهر بحبها للصرف على التعليم بسخاء، لاعتبارات اجتماعية ودينية.
يعتقد البعض أن «الجامعة الربحية» لا يمكن أن تكون جيدة، ولكني لا أرى صواب هذا الرأي في الظروف المتاحة حالياً. كما لا يشكل هذا العامل عائقاً أمام مؤسسات التقييم الدولية لتصنيفها، طالما أن هذه الجامعات تخضع لرقابة جهات حكومية مرموقة كمجلس الجامعات الخاصة، والجهاز الوطني لجودة التعليم، إضافة لرقابة «الجامعة العالمية، الأم» عليها، هذا بخلاف الرقابة المعتادة عليها من البلدية والبيئة ووزارة المالية وغيرها.
 
وعليه فإن أفضلية الجامعات الخاصة في الظروف الحالية تكمن في حقيقة أن قيام الدولة بابتعاث أعداد ضخمة من الطلبة سنوياً سيكلفها أضعاف إرسالهم للجامعات الخاصة الداخلية. كما أن الابتعاث للدراسة في الخارج لا يزال مستمراً، للراغبين فيه. كما أن بناء جامعة حكومية ثانية ليس بالأمر السهل.

يبلغ عدد طلبة جامعة الكويت حالياً قرابة 45 ألف طالب وطالبة. وتتكلف الدولة مبالغ هائلة للصرف عليها، في الوقت الذي يبلغ فيه عدد طلبة الجامعات الخاصة إضافة لـ«الجامعة العربية المفتوحة» 47 ألف طالب، تقوم الحكومة بالصرف على 32 ألف طالب منهم، ويكلفها ذلك سنوياً مبلغاً يقل بكثير عن تكلفة قبولهم في جامعة الكويت أو ابتعاثهم للخارج، ولا شك أن نسبة كل جامعة من المبلغ تتفاوت من جامعة خاصة لأخرى تبعاً لقدرتها على استيعاب أعداد كبيرة من طلبة البعثات الحكومية، وكفاءة مبانيها وطريقة بنائها، وجودة تعليمها، وتقارير مؤسسات التقييم العالمية عنها، وتبعاً لاختيار طلبة البعثات الداخلية لها، إضافة إلى أمور حيوية أخرى. ولا أرى سبباً وجيهاً لتعرض هذه الجامعة أو تلك للهجوم، فقد عمل مؤسسو أقدمها على مدى 17 عاماً بصبر وأناة لتبلغ مستواها الحالي، ومن له أية ملاحظات على أية جامعة خاصة فليتفضل بها، أو يكرمنا بجميل صمته!

من كل ذلك نرى أن من الاستحالة قيام القطاع الخاص بتأسيس جامعات غير ربحية، ومن الغباء دفع مبالغ مضاعفة للصرف على البعثات الخارجية، بحجة عدم رغبتنا في إرسالهم لجامعات داخلية ربحية، ولا أرى حقيقة عيباً في ذلك، طالما أن الرقابة مفعّلة على مناهجها وعلى كفاءة هيئة التدريس فيها وملاءمة مبانيها للدراسة، وما تتقاضاه من رسوم، وغير ذلك. مع العلم بأن جامعة الكويت مثلاً لا تخضع لأي نوع من الرقابة المماثلة، ولا يتطلب من مدرسيها ضرورة تقديم أبحاث أو القيام بأنشطة علمية، وينحصر همّ غالبيتهم بالمادة، بسبب الجو المسموم داخل الكثير من أروقتها. ووضع «التطبيقي» أسوأ منها بكثير!

من الانتقادات التي توجه للجامعات الخاصة أنها لا تميل إلى طرد الطالب الذي يتكرر رسوبه، فهذا سيحرمها من القسط الحكومي، وبالتالي تراعي ظروفه بطريقتها الخاصة، ولكن هذا ليس سبباً للحط من قدر هذه الجامعات ومهاجمتها، فهي تؤدي وظيفة مهمة جداً ومطلوبة جداً، ومن لديه حل أفضل فليأتِ به!

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top