سقطات الاستشاري القاتلة

أتعرض منذ فترة لهجوم هابط يفتقد لكل مقومات المصداقية والنبل، من خلال الميديا، كما تتعرض تغريداتي لتحريف واضح وخطير من جهات تسمي نفسها وكالات أنباء ومغردين مجهولين، وانضم لركب الغوغاء مؤخرا طبيب، حيث قام بإرسال تسجيل صوتي لوسائل التواصل هاجمني فيه، ووصفني بـ«صحافي علماني»، واتهمني بأنني ذكرت في مقالي بأن مكتشف البنسلين ولقاح الكورونا أنفع للبشرية من الوضوء والطهارة والاستنجاء!
يفترض بمن في مكانته، كاستشاري، أنه قرأ مقالي وفهمه، كما يقرأ الطبيب تشخيص المرض ويفهمه قبل وصف العلاج، ولكن يبدو جلياً أنه فشل في ذلك، أو أنه لم يقرأ المقال أصلا، بل سمع به، وقرر على أساسه وصف العلاج، وفي كلتا الحالتين هذه ليست من صفات الأطباء المميزين، فما ورد على لسانه كان بعيدا عن المصداقية بكثير.
 
كتبت بالنص في مقال يوم 2/‏‏‏6/‏‏‏2022، ونقلاً حرفياً عن مقال للزميلة «سعاد فهد المعجل» التساؤل التالي: فمن أفضل للبشرية، من اكتشف البنسلين (ولقاح الكورونا)، أو من كتب، أكرر من «كتب» آلاف الصفحات عن الوضوء والاستنجاء وشروط الطهارة؟

وبالتالي يتبين بجلاء أن اتهام «الاستشاري» غير صحيح أبدا. كما أنه تجاهل أنني لست صاحب النص بل ناقله، وهذا دليل دامغ على أنه سمع من أحدهم كلاما فتسرع في اتهامي بما لم يرد في مقالي. والأهم من كل ذلك أن لا الزميلة سعاد ولا أنا قلنا بأن من اكتشف البنسلين أفضل للبشرية من الطهارة والوضوء! فالفرق بيّن بين ما ورد في المقال وبين ما ادعاه الأخ الطبيب السلفي، أو بدقة أكثر،«السلفي الطبيب»!! فكلامنا تركز على مقارنة من اكتشف البنسلين بمن كتب آلاف الصفحات، وأغرق السوق بها، وليس عن قلة أهمية الطهارة والنظافة! ويبدو أن الاستشاري أقنع نفسه بأنني الكاتب، وبأنني عدو النظافة والطهارة والوضوء، فيا قلة ادراكه في النقل!

أما ما ورد في باقي الشريط المسجل من كلام عن تجربته العيش في الغرب لسنوات، وكيف أنهم يتسمون بالقذارة، فهو كلام أكثر من فارغ، ولا يخضع لأي مصداقية، فكما عاش هو هناك، وعاد لنا طبيبا، دون أن تقتله قذارتهم، فقد عشنا هناك ورأينا نظافة نفتقدها كليا في مجتمعاتنا. متناسيا أن 14 مليون عربي مصابون بالبلهارسيا وما يماثلهم مرضى بالوباء الكبدي، نتيجة غياب الصرف الصحيّ، ثم يأتي ليقارن نظافتنا بنظافتهم، متجاهلا فوق ذلك تسابقه وغيره، وبالذات كبار رجال الدين، لتلقي العلاج الجراحي غالبا، في الغرب، مع أنهم بكل تلك «القذارة»، فكيف يصحّ ذلك مع كلّ ما تتطلبه الجراحة من درجات نظافة وتطهير وتعقيم متناهية؟

كما أن من مظاهر نظافة المجتمعات الأوروبية، بشكل عام، حاجة مواطنيها لتلقي عدد من الطعوم قبل السفر لدولنا ودول شرق آسيا مثلا، في الوقت الذي لا نحتاج فيه لتلك الطعوم عند سفرنا لأوروبا أو لدول مثل الهند وأندونيسيا وغيرهما! والسبب يعرفه أي طبيب، وما كان يفترض أن يقع الأخ «الاستشاري» في مطب أي المجتمعين أكثر نظافة، إلا إذا كان من الذين يختزلون «الشرف» بأعضاء الجسد!
* * *
أعتقد أن الدكتور «عبدالله العلي» مدين لي بالاعتذار، لما صدر منه من افتراء بحقي، ولكني لن أطالبه بذلك، بل أطالبه بالتفرغ لعيادته ومرضاه، فهذا خير له ولوطنه ولعقيدته من الانشغال بأمور لا يفقه فيها! كما أود أن ألفت نظره لحقيقة أنني لست «صحافيا»، فهذا شرف لا أدعيه، بل أنا رجل أعمال، وصاحب أنشطة متعددة، منها الخيرية، ومنها البيئية، مع اهتمامي الكبير بقضايا النظافة!

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top