الجمعيات الخربة

تلعب الجمعيات التعاونية دوراً خطيراً في توفير المواد الغذائية، ولكن لا توجد رقابة فعالة على أنشطتها بسبب تقاسم وزارتي التجارة والشؤون الإشراف على أنشطتها، وتضارب اختصاصاتهما. فعلى الرغم من أنها الجهة الأكبر في تخزين وبيع المواد الغذائية، وبالرغم من أن فلسفة تأسيسها تكمن في تقديم أفضل خدمة لأهالي المنطقة، فإن غالبيتها استُخدمت للوصول لكراسي مجلس الأمة، وللتنفيع الشخصي، وتوظيف أبناء العمومة، من الطائفة أو القبيلة، والعمل على تحقيق أقصى الأرباح والتفاخر بها!
***
لا شك في أن الضغوط التضخمية العالمية ظهرت أخيراً بأسرع مما كان متوقعاً، وأن رحلة المنتج من بلد الصنع إلى رف العرض يشمل مصاريف الموانئ والرسوم الجمركية والتخليص الجمركي والنقل وتكلفة التخزين المرتفعة أصلاً، التي يطالب الكثير برفعها أكثر من قبل الدولة، والتي ستنعكس على سعر كل مادة يحتاجها المستهلك، وغير ذلك الكثير. وليس أمام «التجارة» غير التوصية بتحرير الأسعار فوراً أو تدريجياً، مع تثبيت أسعار سلع محدودة، وبغير ذلك فإننا أمام اتجاهين، إما ارتفاع الأسعار أو انقطاع السلع!

وبالرغم مما تبديه وزارتا التجارة والشؤون من تشدد «ظاهري» أحياناً مع الجمعيات التعاونية، فإن دورها في رفع الأسعار واضح وكبير، ويعود في جزء خطير منه لفساد مجالس إدارات الكثير منها، وانخفاض مستوى بعض الأعضاء الدراسي والأخلاقي، وتواضع قدرات العديد من إداراتها العليا، وخير دليل على ذلك القرارات الوزارية المتلاحقة التي لم تتوقف عاماً، منذ نصف قرن، بحل مجالس عشرات الجمعيات، وبعضها كل عامين أو ثلاثة، ثم القيام بتعيينات براشوتية لأعضاء مجالس البعض منها، والتعامل معها كأنها «دكاكين» خاصة للمسؤول!

يعلم الكثير أن الجمعيات تساهم في غلاء الأسعار، لأن مجالس إدارات غالبيتها العظمى تعمل من أجل تحقيق الأرباح، سواء لكي تثبت كفاءتها أو لأغراض سياسية أو اجتماعية، وبالتالي نجاح جمعية تعاونية ما في تحقيق أرباح ضخمة ليس دليلاً على جودة الإدارة، بل العكس، فقد تكون هذه الأرباح نتيجة لبعض أو كل الأمور التالية، التي تساهم جميعها في رفع الأسعار:

1 - الإصرار على طلب سلع مجانية من المورد.

2 - الإصرار على الحصول على خصومات كبيرة على السلع التي تورد لأول مرة.

3 - تحميل المورد تكلفة المواد التي تتلف بداخل مخازنها ونتيجة لإهمالها.

4 - التأخير غير المبرر في سداد مستحقات المورد، وهذا يشمل كل التعاونيات تقريباً، وهذا يدفع بعض كبار الموردين للجوء لشركات التمويل التي تقوم بشراء فواتيرهم بنسبة مؤيدة عالية، لتقوم هي بتحصيلها من الجمعيات، بطرقها الخاصة (!!).

5 - زيادة رسوم وإيجارات فروع الجمعية، والمطالبة بخلوات كبيرة، ما يصاحب ذلك من تقاسم بعض «أعضاء» المجلس لتلك الخلوات، ويعرف الكثير حقيقة هذا الأمر.

وحيث إن المورد ليس جمعية خيرية، فإنه يقوم غالباً بتحميل كل هذه التكاليف غير المبررة على سلعه، لأنه على غير استعداد للبيع بخسارة، وهكذا تتضخم أسعار سلع ومواد كثيرة نتيجة فساد الجمعية ورغبتها في تحقيق أعلى الأرباح، وهذا ليس من مهامها ولا من أغراض تأسيسها، فالجمعية التعاونية المثالية هي التي تقدم أفضل الخدمات للمجتمع، وليس تلك التي تحقق أعلى الفوائض المالية!

ملاحظة: «علي حيات، أبو حسن» هو الاسم الصحيح للمرحوم الذي ورد اسمه خطأ في مقال الأمس، الذي صرف «شقى عمره» على استزراع الربيان على ساحل مدينة إيرانية، لضمان تزويد الكويت به طوال العام!

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top