نفاق مجتمعات ناشيد

يقول المفكر المغربي سعيد ناشيد (بتصرف): النفاق هو أن نبرر كوارثنا ومصائبنا بأن سببها بعدنا كشعوب عن الله، رغم أننا أكثر شعوب الأرض إيماناً بوجوده وعبادة له!
ومن الغريب أن نرجع فشلنا في كل ميدان إلى أن نساءنا كاسيات عاريات رغم أنهن أكثر نساء البشر تغطية لأجسادهن!

تطبيق المنطق نفسه سيقودنا إلى أن سبب ازدهار أميركا وقوة أوروبا يعود إلى رضا الله عنهم ونعمته عليهم!

النفاق هو أن نعلم علم اليقين، وبواقع الأرقام، أن المجتمعات الأكثر تديناً في العالم هي أيضاً الأكثر فساداً في الإدارة٬ والأكثر ارتشاء في القضاء٬ والأكثر كذباً فى السياسة٬ والأكثر هدراً للحقوق٬ والأكثر تحرشاً بالنساء٬ والأكثر اعتداء على الأطفال، ثم نقول للناس: إن سبب فساد الأخلاق هو نقص الدين!

النفاق هو أن نرى دولاً إسلامية محددة تزيد فيها نسب التحرّش على %90 ثم نقول إن سبب التحرّش هو ملابس المرأة!

ليس هناك من نفاق أسوأ من أن نطالب بتطبيق الشريعة في بلداننا، ثم نستميت للهجرة لدول ليبرالية علمانية كافرة، والعيش فيها للأبد!

وليس هناك من نفاق أوضح من أن نطالب بزيادة مواد الإسلام في المناهج الدراسية ثم يسجل الشخص نفسه أبناءه في المدارس الأجنبية، وبعضها يتبع بعثات تبشيرية غربية!

وليس هناك من نفاق أحقر من أن يحرق البعض العلم الأميركي في كل مناسبة، ويقوم في اليوم التالي بالوقوف في طابور طالبي الفيزا الطويل لسفارات أميركا وقنصلياتها!

النفاق هو ألا نكترث لفساد الرشوة والتهرب الضريبي وتبييض الأموال، وفساد أجهزة الدولة المختلفة، وفساد الغش في السلع والمنتجات، وفساد مافيات المخدرات وتهريب البضائع، ثم نرى الفساد كل الفساد في تنورة أو سروال قصير أو قبلة في لوحة، أو إعلان به وجه امرأة، أو نراه حتى في تجمع شعبي في ساحة. كما يثيرنا ويطربنا خبر القبض على فاطر في رمضان، أو من وجدت قنينة شراب معه أكثر بكثير من خبر القبض على فاسد في الإدارة الحكومية!

النفاق هو أن ترى رؤساء دول من السيدات، وهن يسعدن شعوبهن، في أوروبا ومختلف الدول الغربية، والمؤسسات المالية والاقتصادية العالمية ومحكمة العدل الدولية، ووزيرات في النرويج والسويد وهولندا وألمانيا وأسبانيا واليابان٬ ثم نأتي لنقول إن المرأة لا تصلح للعمل العام!

نردد، كغيرنا، بأن كل نساء الأرض ناقصات عقل ودين٬ وعورات، وحبائل الشيطان وحطب جهنم، أما عندما يصل الأمر لأمهاتنا، فالجنة تحت أقدامهن!

تخلفنا ليس بسبب بعدنا عن الدين، فالأمم الملحدة المتقدمة لا دين لديها، بل تخلفنا يعود لرفضنا الأخذ بأسباب التقدم والتطور، كما أن فشلنا يعود لفسادنا. وتخلفنا سببه بعدنا عن العلم والعلوم والتعليم، وبؤس حالنا لأننا أمة تظن أن الله لم يهد أحداً سواها! غير مدركين حقيقة أن نزول مؤمن، من دولنا، وكافر، من دولهم، إلى البحر فلن ينجو من الغرق إلا من تعلم السباحة، فالسماء لا تحابي الجهلاء!

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top