المطلوب أن يتغيّر الحال.. للأفضل

كثيرون يدعون ربهم، منذ قرون، بأن «لا يغيّر عليهم»، لقناعتهم بما هم فيه، ولاعتقادهم أنهم في أفضل حال، غير مدركين أن حالنا اليوم ما كان سيكون على ما هو عليه من تطور ورفاهية وراحة لو بقي الحال من دون تغيير، وهذا طبعاً كلام عام، ولا يعني انطباقه على جميع الشعوب والدول، فهناك قلة من المجتمعات التي أصبح حالها أكثر سوءاً بكثير مما كان عليه قبل بضعة عقود! علماً بأننا قد نكون مرفهين، ولكننا في الحقيقة من المجتمعات المتخلفة!
***
قبل مئة عام كان متوسط عمر الإنسان يقارب نصف ما هو عليه الآن، وارتفع هذا المتوسط في كل دول العالم الآن لما فوق السبعين، باستثناءات قليلة جداً، والفضل يعود لـ«التغيير» وتقدم العلوم الطبية وزيادة الوعي بالنظافة والتعقيم، وإعطاء الأطفال المولودين حديثاً اللقاحات الثلاثة الضرورية قبل إرسالهم لذويهم.

قبل مئة عام لم تكن حمامات البيوت أكثر من حفرة في الأرض، قذرة وحارة وممتلئة بالذباب. ولم تكن لدينا مركبات، ولا أي نوع من المحركات، ولا مكيفات ولا حتى مراوح أو كراسي!

وقبل مئة عام كان لدينا في الكويت كلها طبيب أو اثنان تابعان لمستشفى الإرسالية الأميركية، وبمساعده صيدلي وممرضة!

وكانت البيوت تبنى إما من الطين مع خليط من القش، أو من صخور البحر. ويعود تاريخ أول مبنى كونكريت، في الجزيرة العربية كلها ربما، إلى عام 1912!

قبل مئة عام كانت المياه تصل إلى البيوت في قِرَب جلدية مصنوعة من أمعاء المواشي، أو في صفائح معدنية، وتنقل من الآبار أو الحفر التي تجمعت فيها مياه الأمطار، أو من خزانات السفن الشراعية التي جلبت المياه من شط العرب.

كما لم يكن هناك خريج جامعة واحد، والدراسة كانت في الكتاتيب، مع التحاق البعض تالياً بالمدرسة المباركية النظامية الخاصة.

في عام 1920 كان من شبه المستحيل أن يقبل أي فرد أخذ التطعيمات ضد الأوبئة، ولا يزال الحال، مع الكثيرين، كما هو بعد مرور 100 عام!

وقبل 100 عام كانت كل حالات الولادة تتم في البيوت، والآن %100 تتم في المتشفيات!

في 1920 لم تكن الغالبية تعرف ما هو السكر، إلا ما ندر!

كما لم تكن القهوة معروفة، بشكلها الحالي، بل كان شرب الشاي هو السائد. كما كانت الأسر الضعيفة الحال، اقتصادياً، وحتى المتوسطة، على قلتها تقوم بغسل ملابسها في مياه البحر المالحة، وخاصة أصحاب البيوت القريبة من الساحل.

وكان من شبه المستحيل توافر الاستحمام الكامل للنساء لأكثر من مرة في الأسبوع. وكان الصابون بدائياً ونادراً، والشامبو غير معروف.

كما كانت نسبة الوفيات عالية نتيجة الإصابة بأمراض فقر الدم والأنفلونزا والسل، وخاصة بين سكان البادية، إضافة للإسهال المستمر، بسبب سوء التغذية وغياب الوعي بأهمية النظافة. ولم تكن أسباب الوفاة في الغالب مهمة أو موثقة، فمن يموت يكون أجله قد حل!

كما لم يزد عدد سكان المنطقة الحضرية، القريبة من الساحل، عن مئة ألف شخص.

بخلاف الطبقة الحاكمة وطبقة التجار من ملاك السفن التجارية وتجار اللؤلؤ، فإن الغالبية كانت تعمل في مهن متواضعة، مع طبقة متوسطة ضئيلة الحجم والقوة.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top