أيها الجميل.. أيتها الجميلة

مرّ عام 2021 بكلّ حلوه، وما أقلّه، وكلّ مراراته، وما أكثرها، وكانت أشدها مضاضة فقدان أهل وأصدقاء أعزاء بسبب كوفيد وشروره.. وغير ذلك من أسباب! ولكنه كان عاماً ممتلئاً بأحداث جسام تعلمت منها الكثير، وزادت تجاربي ومعرفتي بالحياة أضعاف ما يمكن تعلمه في سنة روتينية عادية، ولكل شيء غير عادي ثمن علينا دفعه، إن ابتغيناه!
***
لا أؤمن بقراءة الطالع، ولم أهتم يوماً بما يقوله المنجمون وتوقعاتهم في نهاية كل عام، فهم يلقون بكميات مهولة منها أمام المشاهد أو المستمع، فإن صدق أحدها، فهذا كفيل بكسبه لصفه، وإن لم يتحقق منها شيء فلن يحاسبه أحد، فذاكرة «المؤمنين» بهم قصيرة، مثل تلك «التنبؤات» التي أدلى بها «المحاسب العبقري» عندما توقع وقوع الحرب العالمية الثالثة، وموت الآلاف نتيجة أخذهم تطعيم كوفيد! ويبدو أنه «أكل علقة» مؤخراً جعلته يتخلى مؤقتاً، وربما للأبد، عن سخيف توقعاته!

ما حدث معه ذكرني بطرفة تروى عن ستالين.. فعندما كانت قواته تتراجع بسرعة أمام تقدم الجيش الألماني على كل الجبهات، جاءه مساعده ليخبره بأن مُنجِّماً يودّ مقابلته ليخبره بنتيجة الحرب، فأمره بإعدامه فوراً! فلو كان يعرف الغيب، ويكشف السرّ، لعرف مصيره ولم يأتِ أصلاً!
***
لست بارعاً في المجاملات، وبسبب ذلك فقدت «صداقة» البعض بسبب صراحتي غير المحدودة أحياناً، ولكن ربما لم تكن العلاقة أصلاً بمستوى الصداقة وبالتالي انتهت بسرعة!

كتبت خلال عام 2021 أكثر من 250 مقالاً، وعشرات غيرها، بعضها منع من النشر لأسباب يطول شرحها، وبعضها لن ينشر في أي حال، والغالبية بانتظار النشر في القادم من الأيام، ولو أن تسارع التراكم أصبح أسرع من تسارع النشر!

كسبت من مقالاتي الكثير، محبة وتقديراً واحتراماً. كما أكسبتني، من دون أن أقصد، عداوات كثيرة، خاصة مع الذين لم يتفقوا مع ما كتبت، أو بسبب ما نالهم من صراحتي.

كما خسرت مادياً الكثير، لرفضي مجاملة البعض، وإصراري على مصداقية ما أكتب، وهذا ما تعلمته ممن سبقوني وتجاوزوني في وطنيتهم وفي نكران الذات، وكانوا في الكتابة والسياسة والحياة العامة مثالاً يحتذى. فشكراً للدكتور أحمد الخطيب، الكبير الذي تعلمت منه. وتحية شكر للصديق عبدالله النيباري، مع تمنياتي له بالتعافي. وشكر خاص لصديق العمر يعقوب الجوعان، وشكراً لزميلي عبداللطيف الدعيج، وتحية تقدير وشكر للأستاذ وليد النصف، رئيس التحرير، الذي تحمّل كل المتاعب التي تسببت فيها له ولـ القبس، وتحمله «نزقي، وقلة صبري» وأنا في منتصف الطريق، وهذا أمر يستحق التنويه.

كما لا أنسى شكر محرر صفحة المقالات والأخيرة، الأستاذ جمال حسين، على قيم ملاحظاته وطول باله، والشكر أيضاً للمستشار القانوني ميلاد سامي، الذي أصبحت الكثير من مقالاتي تسبب له أحياناً، بعض القلق!

وأخيراً أوجه شكراً خاصاً لمن يراجع مقالاتي، وللقارئة والقارئ الذي ينتظر قراءة ما أكتب صباح كل يوم.. تقريباً!
***
يقول الصديق والزميل نجم عبدالكريم، في رسالة شخصية، سمح بنشرها:

لستُ ممن يسرفون في أمنياتهم بمثل هذه المناسبات، التي كثيراً ما تكون مُشبعة بالكلمات المُعلبة، لأنني أعلم بأنني أتعامل مع ذهنية مُتقدة في تحليلاتها المنطقية، ولكن العادة قد جرت أن الناس ينتهزون مثل هذه المناسبات ليعبروا عن مشاعرهم كلٌ بحدود طبيعة فهمهِ لها. أما أنا فما أسعى إليه في هذه السطور فهو ليس من هذا، ولا ذاك، ولكنني أريد أن أعبّر عن اعتذاري لنفسي لأنني خسرت سنوات كثيرة من عمري من دون أن أحاول التعرف على الطفل النبيل أحمد الصراف إلا في سنوات متأخرة، ولهذا فكم أنا محظوظ أن ألتقيك على حقيقتك قبل أن أغادر هذا العالم، إنما ذلك لن يحول دون أن أتمنى لك السعادة، وأتطلع لعام جديد بروح التفاؤل.

تحيات أسرتي لأسرتك الجميلة!
***
نهنئ كل القراء بالسنة الجديدة التي نتمنى أن تكون أفضل من سابقتها.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top