برمائي وجوي

في قبس الجمعة كتب زميلنا «الكويتي» على الصفحة الأخيرة مقالا لم يخلُ من الأخطاء والركاكة، انتقد فيه مستوى مخرجات المدارس الاجنبية! وقال ان أستاذا جامعيا اخبره ان طلبة المدارس المحلية والعربية، ولا أعرف ما المقصود بالمحلية، «أفهم» بكثير من خريجي المدارس الأجنبية! وربما يقصد هنا أنهم أكثر فهما، وقال ان هؤلاء لديهم معلومات وقدرة على تحليلها «أنضج»، (هكذا)! ولا ادري كيف توصل لهذا الحكم من رأي فرد؟!
لست خبير تعليم، ولكن بإمكاني القول، من واقع تجربتي كأب وخال وعم لعدد ممن درسوا في المدارس الحكومية والاجنبية إن مقال «الكويتي» احتوى على قدر كبير من التجني، وابتعد كاتبه عن الحقيقة، فهو مثلا لم يتطرق للمدارس ثنائية اللغة، التي نجحت إلى حد كبير في المزج بين الأجنبية والعربية، وكانت مخرجاتها ولا تزال، تفوق غيرها جودة. وقد مررت بتجربة طريفة نوعا ما عندما اكتشفت أن المدرسة التي التحق ابناؤنا بها في بريطانيا تقع في منطقة يسكنها أثرياء يهود، وبسبب اصول أبنائي ومستوياتهم الدراسية فقد شعرت بالقلق من احتمال ممارسة التفرقة ضدهم، أو على الأقل سيصعب عليهم التأقلم مع اقرانهم دراسيا، ولكني فوجئت بالطريقة السلسة التي انسجموا فيها مع محيطهم الجديد، والكيفية التي استوعبوا فيها مناهج تلك المدرسة، وكل ذلك بفضل الأساس القوي الذي تعلموه واكتسبوه من مدرسة بيان، ثنائية اللغة.
كما قلل كاتب المقال من أهمية تميز طلبة المدارس الأجنبية بلغتهم الإنكليزية، مقارنة بطلبة المدارس العربية أو الحكومية، ولم يدرك ان إتقان هذه اللغة بحد ذاته جواز مرور لكنز هائل ولعالم واسع من المعرفة في جميع الميادين، بعد أن وصلت أعداد الكلمات والمصطلحات باللغة الإنكليزية إلى المليون، مقارنة بمائة ألف كلمة لأي لغة أوروبية، ونصف ذلك للغة العربية! والفضل في ذلك يعود طبعا لمنجزات الأميركيين في الطب والفضاء والإنترنت والكمبيوتر والاتصالات وغيرها. ويختم «الكويتي» مقاله بالفقرة الغريبة التالية: في النتيجة ينمو أطفالنا وعلى ظهورهم يحملون ازدواجية تحتاج إلى طريقة برمائية تساعدهم على التعايش مع المجتمع! ولا أعرف ما المقصود بالبرمائية، فإن كانت تعني إزدواجية اللغة أو المعرفة، فهذا يعني أنه يفضل أن نتعلم إما السير على اليابسة واما السباحة في البحر، وألا نجمع بين المهارتين، فهل يعقل هذا الكلام؟ وهل تعني بالتالي أن من لديه ثلاث أو اربع ثقافات يعاني مشكلة أكبر، أي أنه برمائي وجوي أيضا؟!

الارشيف

Back to Top