الذكاء العاطفي والنفسية «الخايسة»

كتب روس كول، وهو طبيب نفسي من هارفرد، مقالا عن الذكاء العاطفي، أو قدرة الشخص على إدراك وتقييم المشاعر البشرية بدقة أكبر، مع النفس ومع الغير، وهذا ما يمكّن من الوصول إلى نفسية الآخرين واستثارتها إيجابيا، وفهم الإشارات أو الحركات غير اللفظية، والتصرف إزاءها، من أجل بناء علاقات شخصية أو علاقات عمل أقوى، وتشكيل مفتاح للنجاح على المستويين المهني والشخصي.

لمعرفة ما إذا كنا نمتلك الذكاء العاطفي، أو أننا بحاجة إلى العمل على اكتساب هذه المهارة، علينا النظر في العبارات التالية، التي يكررها غالبيتنا، والتي تعني انخفاض مستوى ذكائنا العاطفي، وما يجب القيام به لرفع المستوى. فالبعض يميل إلى القول: «أنا لا أتغير، هذا هو أنا»! العجز عن التغير دليل على انخفاض درجة الذكاء العاطفي، ورفض أي تطور. ولا يعني ذلك أن القناعات القوية غير مهمة، بل من المهم الانفتاح على الاحتمالات الجديدة. وعلينا بدلا من ذلك أن نقول إننا بحاجة إلى التفكير أكثر فيما سمعناه، وأن نكون منفتحين على تلقي الملاحظات عنا، حتى عندما يصعب سماعها.

أو عندما يصرح البعض بأنهم لا يهتمون بما يشعر به الآخرون، وخاصة عند وقوعهم في أزمة ما! تجاهل مشاعر الآخرين علامة على انخفاض الذكاء العاطفي. فمن المهم إظهار التعاطف، خاصة عندما يمر من نعرف بوقت عصيب، وأن نبين أسفنا، ونعرض المساعدة.

كما يميل البعض لتوبيخ الآخرين بقسوة فور ارتكابهم لخطأ ما! وهذا يخالف الذكاء العاطفي، الذين يتطلب منا بذل الجهد للبحث عن الأسباب، والتركيز بدرجة أكبر على فهم التجربة الحياتية للشخص الآخر. وبالتالي من الأفضل استخدام كلمات مثل: أريد أن أسمع وجهة نظرك حتى عندما لا أرى الأشياء بالطريقة التي تراها. هل يمكنك مساعدتي في فهم سبب شعورك بهذه الطريقة، وسبب ارتكاب الخطأ، ورفض التسامح مع الآخر علامة على انخفاض الذكاء العاطفي، ورفض وضع النفس مكان الشخص الآخر!

كما يميل البعض لاتهام غيرهم بأن «مشاعرهم غير عقلانية أو متطرفة»، وهذا اتهام قاس ودليل على عدم التمتع بالذكاء العاطفي، ورفض محاولة إقناعهم بأن يخرجوا ما بأنفسهم من مشاعر، ويحللوا الجوانب العقلانية وغير العقلانية لأفكارهم، ومخاطبتهم بلين، ومحاولة تفهم وجهة نظرهم.

تبدو هذه النصائح للكثيرين «مثالية»، وصعبة التطبيق وتحتاج من الفرد قدرا عاليا من الشعور بأهمية الإنسان وسماع الرأي الآخر وتفهم مشاعر الغير، ووضع أنفسنا في مكانهم، قبل الحكم عليهم أو تجريمهم، ورفضهم. وهذه أمور تتطلب درجة عالية من الثقافة، النابعة من الشعور بالمسؤولية، وهي، في الغالب، من سمات المجتمعات المتقدمة، وليس مجتمعات «النفوس الخايسة»، لكن لا ما مانع من تعلمها ومحاولة اتباعها كلها أو حتى بعضا منها. خاصة أن مناهج «مع حمد قلم»، الدراسية المتهالكة بعيدة جدا عن تدريس مثل هذه المواد الأخلاقية في المستقبل القريب، بالرغم من أهميتها الأخلاقية.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top