إعلان الهيئة الخطير والمشبوه

أصدرت هيئة البيئة إعلاناً للترشح لوظيفة مدير عام، سواء من داخلها أو خارجها، واشترط توفر التالي في المرشح:

1. أن يأتي بخطة ورؤية لتطوير أعمال وبرامج الهيئة، 2. يحمل الماجستير، 3. خبرة 20 سنة في مجالات البيئة، من بعد المؤهل الجامعي. 4. يجيد اللغتين العربية والإنكليزية. 5. يتقن استخدام الحاسب الآلي، 6. يتحلى بالشرف والأمانة. 7. يجتاز المقابلة الشخصية. 8. يجتاز الاختبارات الفنية.

لسبب ما نشر الإعلان يوم الخميس الماضي، وحدُد 2 مايو موعدا لتقديم الطلبات، أي بعد عشرة أيام عمل!

من الاستحالة على أي مرشح وضع خطة عمل ورؤية لتطوير أعمال برامج الهيئة العامة للبيئة خلال هذه الفترة القصيرة، إن كان جادا، أو يمكنه اللجوء لبعض دكاكين دراسات البيئة، والحصول على دراسة جاهزة بـ 200 دينار!

كما يشاع أن الإعلان مصمم ليناسب موظفة محددة تعمل في البيئة، وتنعم بدعم من نواب من نفس قبيلتها؟

ويعتقد البعض أن توفر شهادة الماجستير في التقدم طلب لا معنى له، فالأهم منها الخبرة العملية والشخصية القوية والدراسة الجامعية المرموقة، إضافة لاجتياز اختبارات الشخصية!
* * *
بخلاف التأمينات الاجتماعية، مثلا، فإن هيئة البيئة تأسست على الخراب الإداري الذي نخر فيها، وهي بالتالي بحاجة لمن ينتشلها من عثراتها، علما بأن الحكومة لم تولها يوما ما تستحق من اهتمام وعناية، بالرغم من أنها الجهة الأهم في المحافظة على صحتنا، بعد وزارة الصحة، وتمثل إهمالها في تكرار نقل مسؤولية الإشراف عليها من وزير لآخر، وعدم اختيار الأفضل والأكثر كفاءة لإدارتها. كما بقي منصب المدير العام شاغرا لفترة طويلة، وأدير لفترة بالوكالة.

مع كل هذا غردت مرحباً بإعلان الهيئة، ووصفته بأنه أكبر وأخطر تطور إداري إيجابي في تاريخ إدارة مؤسسات الدولة! لكن تغريدتي لم تعجب الكثيرين، ووصفوا الإعلان بأنه مُلغّم وضعيف، وفترة تقديم المتطلبات قصيرة، وإنها مسرحية تشابه طرح مناقصة تكون فيها شركة محددة الأكثر علما بتفاصيل المناقصة ومتطلباتها، من غيرها من المناقصين.

إيجابية الإعلان تكمن في أنه قد يكون الأول من نوعه في التاريخ الإداري، فمئات المناصب العليا في السابق كان تُشغل بالباراشوت، أو الواسطة. فبعد هذا الإعلان سيكون لدى الهيئة، وبالتبعية لدى ديوان الخدمة المدنية «داتا data» أو قاعدة بيانات يمكن الرجوع لها مستقبلاً لشغل مناصب عدة، وهذا أصلاً ما يفتقده ديوان الخدمة المدنية.

كما أن نشر متطلبات شغل منصب مدير عام الهيئة يعطي كل متظلم حق اللجوء للقضاء، وبيده مستند رسمي يحتج به على عدم تمتع من تم توظيفه، أو توظيفها، بمتطلبات معينة. وهذا ما لم يكن متوفرا في السابق، وهذا يدعو للتفاؤل. كما أن نجاح هذه التجربة سيدفع جهات أخرى لاتباعها.

كما أن صيغة الإعلان تبين أن الغرض منه الحصول على قائمة المرشحين وتقديمها للوزير المختص لمساعدته في اختيار الشخص الأنسب، وهي بالتالي خطوة في الاتجاه السليم، بعد سنوات من الفوضى والضياع والفساد الواضح في التعيينات!

يبقى الإعلان خطوة كبيرة باتجاه الإصلاح الإداري المنشود، ان صفت النوايا. ونطالب معالي وزير النفط، المسؤول عن هيئة البيئة، التكرم وأخذ ملاحظاتنا بعين الاعتبار لمنع فشل هذه المحاولة الإصلاحية الجادة، وتوظيف من لا يستحق أو تستحق!

ملاحظة: كالعادة، أرسلت مقالي للجريدة قبل 24 ساعة من النشر، وفي آخر لحظة وردني اتصال يخبرني أن إعلان البيئة أعلاه ملغوم بالفعل، وصمم ليناسب شخصية معينة تعمل حاليا في الهيئة!

نتمنى على معالي وزير النفط النظر في الأمر.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top