«الأوقاف» ونهاية مارس

لكل مؤسسة وجمعية وشركة سنة مالية، كما للدول سنتها المالية، وفي الكويت تبدأ في الأول من أبريل وتنتهي في 31 مارس من السنة التالية. يحتم القانون على كل الجهات المرتبطة بميزانية الدولة، وليس لها ميزانيات مستقلة، أن تقوم بتحويل أو إعادة كل ما رصد لها من أموال لمشاريع أو لغيرها، ولم يتم صرفها، إعادتها الى خزانة الدولة. وفي محاولة من بعض الجهات عدم إعادة أي مبالغ لوزارة المالية، مع اقتراب السنة المالية من نهايتها، فإنها تقوم باقتراح أو «اختراع» أي شيء لتصفير أرصدة الحسابات قبل 31 مارس من السنة، وصرفها على أي شيء كان. وسبق أن أخبرني صديق، وطبيب معروف، أنه كان ضمن الدائرة المصغرة لوزير صحة سابق، قضى سنوات طويلة في منصبه الوزاري، وكيف أنهم كانوا يعرضون عليه مع نهاية السنة كشفا بالأرصدة المتبقية، التي يفترض إعادتها للمالية، وكيف كان الوزير يطلب منهم، فيما يشبه الاقتراح، بأن من الأفضل شراء معدات بتلك المبالغ من شركة طبية معينة، وكان يبرر «اقتراحه» بأنه لديها أجهزة «زينة» وصاحب الشركة «خوش ريال»! اكتشف الدكتور الصديق بعد سنوات أن صاحب تلك الشركة الطبية، الحقيقي، والريال الزين، لم يكن غير صاحبنا الوزير، الكثير الإيمان والتقوى! كما صدر قبل أيام إعلان من الهيئة العامة للرياضة يتعلق بطرح ممارسة بشأن إقامة أو تنظيم احتفالية بمناسبة رفع «الإيقاف» (هكذا كتبت في الإعلان) النهائي عن الرياضة الكويتية! وحيث ان البت في هذه الممارسة لن يتم قبل شهر أو أكثر، وحيث ان رفع الإيقاف تم قبل أكثر من ستة أشهر، فما الذي دفع هيئة الرياضة لأن تحتفل الآن فقط بالمناسبة، هل للأمر علاقة بقرب انتهاء السنة المالية، وتوجد لديها أموال فائضة لا تعرف كيفية التصرف بها، ولا تود إعادتها للمالية؟ وفي جانب آخر، أصدر وكيل وزارة الأوقاف، والتي دار لغط كبير حول تصرفات بعض كبار القياديين فيها، وإحالة الكثيرين منهم للنيابة، تعميماً شكل فيه لجنة برئاسته من خمسة خبراء وعضو مقرر للقيام بإعداد «وثيقة التعايش السلمي»، وأن تصرف مكافآت لأعضاء لجنة الخبراء، بخلاف رئيسها، لأنهم سيعملون خارج الدوام الرسمي، ولا أعلم حقيقة كيف يكون للجنة، ليس فيها غير مواطن واحد، أن تعد وثيقة عن «التعايش السلمي»، وهل نحن أمام صيغة أخرى من الهدر المالي غير المبرر كما حدث مع مركز الوسطية و«لجنة الوسطية»، التي أكلت عشرات الملايين من المال العام، ذهبت في غالبيتها رواتب ومكافآت للذي يسوى ولا يسوى، ومصاريف حفلات وإقامة كبارها في فنادق خمس نجوم لفترات طويلة؟ نود أن نحسن النية ولكن تجاربنا مع وزارات الدولة تقول ان وراء أكمة تشكيل اللجنة ما وراءها. وقد نشطت قوى الإخوان، وغيرهم، في مهاجمة قرار تشكيلها، منطلقين من اعتبارات حزبية ومنطقية، من أن الخلفيات الفكرية لغالبية أعضائها سلفية، وليس بينهم إلا كويتي واحد، فكيف يتسنى لأعضائها القيام بدراسة «التعايش السلمي في المجتمع الكويتي»، علما بأن التسمية «هلامية» وغير واضحة، وبالتالي سنفترض أن هدف إنشاء اللجنة ربما يكمن في الرغبة في تنفيع أعضائها بما تبقى من مال في أحد الأرصدة.

أحمد الصراف 

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top