الإثراء من بيع القرآن

منذ سنوات وأنا أتلقى مكالمات هاتفية يعرض المتصل بيعي نسخا من القرآن. يبدأ الإغراء بالشراء من خلال المبلغ الزهيد المطلوب دفعه، الذي وصل مؤخرا لدينار فقط للنسخة، مع التركيز على أن المتصل يمثل جهة خيرية، وأن ريع البيع سيخصص لشراء كراسي للمعاقين، او تغطية تكاليف حجاج فقراء، وغير ذلك من أسباب تقنع الكثيرين بشراء عشرات النسخ من المصحف، خاصة عندما يعلمون أن التوصيل مجاني وبإهداء. كما يمكن شراء مصاحف مترجمة للغات العاملين في البيوت كالفلبينية والهندية وغيرها. وكيف أن مثل هذه المصاحف يمكن أن تساعد في «هدايتهم»، وكل ذلك بدينار! قمت قبل فترة بزيارة إحدى «شركات بيع القرآن» في شارع العثمان، قبل إبلاغ إدارة حماية المستهلك عنها، فوجدت محجبة تدير النشاط من خلال مكتب حجمه 2 في 2 متر مربع، ومن وراء طاولة خشبية لا يزيد ثمنها على 4 دنانير. من يدير مثل هذه الأنشطة يعلم بأن المكتب معرض للإغلاق من التجارة، ولكنهم يعلمون أيضا أن الحصول على ترخيص آخر ليس صعبا، كما أن «المحسنون السذج» يساهمون في ترويج نشاط غير قانوني، وقد تكون النسخ محرفة مثلا. كما يساهم السكوت عن مثل هذه الأعمال في زيادة الحاجة لعمالة غير منتجة. لا أدري من أين تحصل هذه المكاتب على حاجتها من المصاحف المجانية؟ *** كان خالد المذكور يفتخر بأن «اللجنة الدائمة العليا لإعادة النظر في القوانين والعمل على أسلمتها» هي صاحبة أطول اسم في الكويت.. وبعد أن أغلقت اللجنة في عهد «حفظه الله» الطبطبائي، بعد أن تسببت في خسارة الدولة لأكثر من 100 مليون دينار، حلت لجنة أخرى محلها كصاحبة «أطول اسم»، وهي «الهيئة العامة للعناية بطباعة القرآن الكريم والسنة النبوية وعلومها»، والتي فشلت في طباعة نسخة قرآن واحدة منذ تأسيسها قبل 3650 يوما. كما وظفت الهيئة المئات، والغالبية من الجماعة «إياها»، وخلقت هيكلا إداريا ضخما استخدم لكسب سكوت بعض النواب عن «خمالها»، وتسبب معظم من في إداراته السابقة في نهش ميزانيتها مما دفع الوزير السابق يعقوب الصانع لإحالتها الى النيابة. تفرغ الجهاز بعدها لاستيراد المصاحف من الإمارات، وربما تسربت أعداد كبيرة منها لدكاكين بيع المصحف بدينار. وسبق أن صرح أحد مديري هيئة طباعة القرآن، عندما قابل الزميل وليد الجاسم، في مكتبه في الوطن قبل سنوات، بأن الهيئة ستصبح يوما معلما يقصده زوار الكويت! وهذا سيتحقق، ولكن كمعلم للكيفية التي يتم بها الحصول على المال العام بطرق جهنمية! وفي جانب آخر، أعلنت جمعية «...» التابعة للإخوان قبل فترة عن إنشاء وقف لجمع عشرة ملايين دينار لطباعة مليون نسخة من المصحف! وللقارئ تخيُّل مصير تلك الملايين، التي جمعت حتى الآن، وكيف صرفت على شراء مليون مصحف؟ ومن الذي استفاد من طباعتها ثم توزيعها.. إلخ؟ إن مبلغ الـ«عشرة ملايين» دينار، الذي لا يخضع لأي رقابة، كفيل بتخريب نفوس الكثيرين.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top