يا توانسة أنتو غير شكل

زرت تونس ويعجبني شعبها المنفتح والمتعلم، والذي كان للرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة دور في تشكيل عقله الجمعي الحالي وجعله أفضل شعب عربي من نواح كثيرة ليس المجال هنا لسردها. كاد الحبيب يكون أيقونة عالمية خالدة لولا إصراره، قبل إصابته بالخرفة، على التشبث بالحكم حتى آخر الرمق، وفشله في التمهيد لمن يأتي بعده بصورة ديموقراطية، وهكذا أتت دكتاتورية «بن علي» لتملأ الفراغ الذي تركه. بوفاة الرئيس التونسي المستنير، صاحب الانجازات الكبيرة «باجي قايد السبسي» قبل شهرين عن 92 عاما، قبل أن يتمكن من الإشراف على عملية اختيار خلفه، فقد أدى ذلك لتقديم تونس للانتخابات الرئاسية لتكون يوم 15 سبتمبر، وحسب الدستور فإن فترة الرئيس المؤقت الحالي «الناصر» تنتهي يوم 23 أكتوبر القادم. ينتخب رئيس الجمهورية في تونس مباشرةً عن طريق الاقتراع العمومي، بالأغلبية، وتكون هناك جولة ثانية بين أعلى اثنين منافسين من حيث الأصوات، في حالة لم يحصل أي مرشح على الأغلبية المُطلقة في الجولة الأولى. ويجب ألا يقل عمر المرشح الرئاسي عن 35 عاما، وأن يكون مسلماً، وأن يكون تونسي الجنسية، وأن يتخلى عن أي جنسيات يحملها، إن كانت لديه جنسيات أخرى إلى جانب الجنسية التونسية. ويعتبر دستور تونس أقرب للعلمانية، وهي الدولة الإسلامية الوحيدة ربما، بخلاف تركيا، التي أعطت المرأة حقوقا لا تزال تنتظرها نساء بقية عالمنا المتخلف. ولأول مرة في تاريخ تونس السياسي، تقرر تنظيم مناظرات تلفزيونية في الدورة الأولى من الانتخابات، وذلك على ثلاثة أيام متتالية بين ثلاث مجموعات من المترشحين وزعوا حسب القرعة. وتعتبرانتخابات تونس حاسمة ومهمة، فهي تجري بين قوى علمانية تدعو للانفتاح والتحرر، وقوى متشددة دينية تدعو للمحافظة، وبعض المستقلين. ويعتبر حزب الإخوان المسلمين في تونس من الأحزاب القوية. وتتخوف قوى تونسية حرة من وصوله للحكم، فهذا سيشكل انتكاسة للحرية والديموقراطية، وسيؤثر على كل قوانين الحريات التي صدرت في عهد بورقيبة وعهد القائد السبسي. إننا نطالب المرأة التونسية وكل قوى الحرية والديموقراطية في تونس، من هذا المنبر المتواضع، أن يحصنوا دستور الدولة، ويحافظوا على المكتسبات وأن يبتعدوا عن المرشحين الذين يمثلون القوى المتخلفة، فتونس «كانت دائما غير»، ويجب أن تبقى كذلك، وربما يكون في انتخاب الدكتور «لطفي المرايحي» أمين عام الاتحاد الشعبي الأمل في استمرار أن تكون تونس «شيئا جميلا آخر»، فلا تخيبوا آمال العالم فيكم!

أحمد الصراف

 

الارشيف

Back to Top