وزارة الداخلية ومشاكل المقيمين

تواجه وزارة الداخلية مشاكل بشرية وأمنية وقضايا عويصة في تعاملها مع المواطن والمقيم يبدو بعضها صعب الحل، خصوصاً مع نقص الكوادر البشرية المدربة جيداً والمخلصة، فواحدة من الصفتين لا تكفي لأداء رجل الأمن عمله بشكل سليم. من أصعب الأمور في الكويت، بالرغم من صغر حجمها وقلة عدد مواطنيها، اضطرار الأجهزة الأمنية للتعامل مع أكثر من ثلاثة ملايين مقيم ينتمون إلى أكثر من 120 جنسية مختلفة، ويتبعون عشرات العقائد الدينية، ومن خلفيات ومشارب وثقافات لا تعد ولا تحصى، وبالتالي فإن تعامل رجل الأمن البسيط، تدريباً وتعليماً، مع كل هذا الخليط البالغ التعقيد ليس بالأمر السهل، ومن هنا تبدأ المشاكل من شكوى كل طرف من سوء معاملة أو تعامل الطرف الآخر، وغالباً بسبب سوء الفهم. وزاد الطين بلة عددٌ كبير من الذين دفعوا أموالاً للدخول إلى البلاد، وهؤلاء مثلهم مثل بعض النواب الذين اشتروا كراسيهم بالمال، يريدون تعويض ما دفعوه أضعافاً مضاعفة، وبالتالي فخراب العلاقة بين المواطن والمقيم هي من صنع أيدينا، وأيدي حكومتنا، التي هي منا ونحن منها، وبالتالي يجب ألا نلوم أي طرف آخر على توتر العلاقة بين فئات المجتمع، فلا الاستعمار ولا الصهيونية العالمية ولا حتى قوى الاستكبار لها دخل. تعتبر قضية الإجراءات الرسمية التي على المقيم القيام بها سنوياً تقريباً من أكثر الأمور تسبباً في توتر العلاقة بين المقيم والسلطة، وبشكل عام بين المقيم والمواطن، لما تتضمنه إجراءات تجديد الإقامة من مهانة وبهدلة مستمرة وإشغال الطرق وضياع وقت قوى الأمن وجهودها، وإرهاق الأجهزة البشرية والآلية في أمور روتينية. قد يرى البعض في إخضاع المقيم سنوياً لعملية تجديد إقامته نوعاً من السيطرة على الوضع الأمني، وهذا كلام سخيف في ضوء كل هذا التقدم الذي عرفه العالم في المجال الأمني، بحيث أصبحت عملية المراقبة لا تتطلب مثل هذه الإجراءات الروتينية السلبية في كل نواحيها، وبالتالي من المهم قيام وزارة الداخلية، كما سبق أن طالبنا من خلال مقابلاتنا مع وزير الداخلية، ومن خلال مقالاتنا، ومما وضعناه من أهداف نبيلة لجمعية الصداقة الإنسانية، بضرورة بحصر فئات المقيمين الجادين، خصوصاً الذين مضت على إقامتهم في البلاد فترات طويلة تزيد على الثلاثين أو الأربعين عاماً، ومنحهم إقامات «فضية» تمتد لخمس سنوات مثلاً، ومنح من مضت على إقامته في البلاد نصف قرن أو أكثر، مثلاً، الإقامة الذهبية التي تمتد لعشر أو عشرين عاما، هذا غير منح ما يماثلها لكبار الموظفين والمستثمرين، وكل ذلك سيسهم ليس فقط في القضاء على الاحتقان الأمني بين الطرفين بل إشعار المقيم بأهميته وبالثقة في قدراته، وبتشجيعه على العمل الجاد والاستثمار في المشاريع الطويلة الأمد، بدلاً من الشعور بأن إقامته في الكويت مؤقتة وأنه معرض للترحيل في أي وقت، وهذا بالضبط ما يكتنف وجدان كل مقيم بسبب سيف تجديد الإقامة المصلت على رأسه طوال الوقت. إن المقيم الجاد والشريف هو بيننا، وسيبقى طالما أن هناك حاجة له، وبالتالي من المهم الاهتمام بصحته النفسية، طالما أننا عاجزون، لسبب أو لآخر، عن التخلي عنه، سواء أكان خبيراً أو خفيراً. لقد أطلقت السعودية والإمارات برامجها المتعلقة بأنظمة الإقامة الدائمة، ولا نزال في الكويت لا نود حتى التفكير في الموضوع بالرغم من أسبقيتنا عليهم في أمور إنسانية كثيرة أخرى. وبالتالي نطالب معالي وزير الداخلية بأخذ زمام المبادرة وفعل شيء لحل هذه المشكلة.

أحمد الصراف

 

الارشيف

Back to Top