حقوق عبدالعزيز القناعي الإنسانية

قضت محكمة الجنح بحبس الكاتب الكويتي عبدالعزيز القناعي شهرين لتطاوله على الدين، وجاء حكمها على خلفية الشكوى التي حركتها إدارة الجرائم الإلكترونية في وزارة الداخلية. ما حدث لكاتب حر لم يقم بغير التعبير عن رأيه دون الإساءة الفعلية الى أحد أمر يعتبر في غاية الخطورة، وقد تؤيد محكمة التمييز الحكم أو تجعله أكثر شدة، أو تقوم بإلغائه، ولكن ليس قبل أن يقبع إنسان حر مسالم في السجن لشهرين كاملين، في الوقت الذي يبقى فيه طليقاً، وخارج السجن، كل هؤلاء الذين ارتكبوا أشر الأعمال وأكثرها خطراً على المجتمع وعلى وحدته، دع عنك بقية المجرمين الذين لم تطلهم حتى الآن يد العدالة، أو الذين لا تبدي الحكومة ما يكفي من الحماسة لاستعادتهم من الملاذات الآمنة، التي اختاروا الفرار لها بعيدا عن الكويت. إن إبداء رأي عام في أي أمر حق من حقوق أي إنسان، والقناعي لم يجنّد أحداً للقتال في بلاد الشام، أو يهدّد بقتل أعدائه، كما فعل العشرات من الدعاة الذين غرروا بآلاف الشباب السذج وأرسلوهم إلى الموت المحتم، لا يزالون يمارسون شر أعمالهم بيننا. ألم يكن من الأفضل لوزارة الداخلية تجاهل ما قاله هذا الكاتب وغيره، وعدم الالتفات اليه، والقيام بدلا عن ذلك بتقديم من سبق ان سكتت عنهم، وبينهم من طالب علنا، وامام الآلاف، بأن يسلم له عشرة من المنتمين لمذهب معين ليقوم بنحرهم بنفسه، تشفيا، بدلا من ملاحقة إنسان مسالم وإيداعه السجن وتخريب حياته ومستقبله؟ وماذا عن نصوص العهد أو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الوثيقة الإنسانية الأعظم في العصر الحديث، التي سبق أن قامت الكويت بالتوقيع عليها، والتي تؤكد بكل وضوح حق الأفراد في التعبير بحرية عن آرائهم، طالما أنها لا تشكّل خطراً على المجتمع؟ لقد سبق أن اصدرت وزارة الإعلام «الكويتية» قبل سنوات قليلة جدولاً مقارناً لبعض مواد الإعلان العالمي، الذي استقت معظم دساتير العالم موادَّ منه، مع الدستور الكويتي، الذي يعتبر بحق أحد الدساتير المتطورة في المنطقة من زاوية إقرار الحقوق الأساسية للمواطنين، الذي بيّن مدى التطور والنظرة البعيدة للآباء المؤسسين في فترة كتابتهم وصوغهم مواد الدستور الكويتي، خاصة من منطلق أنه لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص. وأن الجميع يولدون أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء. وأن الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين. وإن الدولة تصون دعامات المجتمع وتكفل الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنين. ولكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها، سواء أكان ذلك سرّاً أو مع الجماعة. كما لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء من دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت من دون تقيّد بالحدود الجغرافية. كما أكد الدستور الكويتي أن حرية البحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون. وبالتالي من الصعوبة تبرير تصرّف وزارة الداخلية إزاء رأي هنا وقول هناك، في الوقت الذي تغض فيه الطرف عن الجرائم الحقيقية بحق المجتمع وأفراده.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top