تشدد الأوقاف وتراخي الرقابة

هزت جريمة تفجير مسجد الصادق الشيعي في الكويت، التي وقعت في أواخر يونيو 2015، التي نتج عنها سقوط 250 مواطنا بريئا بين قتيل وجريح، وهم يصلون، ضمير كل إنسان مخلص.
وفي محاولة من الحكومة للتخفيف من الجانب الطائفي للموضوع، صدرت التعليمات للأوقاف لتفعيل عمل لجنة صياغة خطب الجمعة، خاصة مع تكرار خروج بعض الأئمة والخطباء المتشددين منهم بالذات، عن تعليمات الوزارة في خطبهم، مما استدعى إحالة البعض منهم للتحقيق أو التجميد.
اعتقدنا لفترة أن ذلك القرار يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، وسيساهم في التخفيف من الشحن الديني غير المبرر، وسيخفف من جرعة التطرف غير المحمودة في خطب بعض المساجد، خاصة أن التطورات الاجتماعية والسياسية الإيجابية في المنطقة، وارتفاع وتيرة المطالبة بتخفيف الضغوط الاجتماعية عن المرأة، وإعطائها مساحة حرية أكبر، والسماح لها بقيادة السيارة والسفر والمتاجرة بغير موافقة الرجل، ساهمت جميعها في الشعور بأننا سنرى في الكويت أيضا تغيرات إيجابية، ولكن بعد قراءة نص خطبة الجمعة الماضية، التي نقلتها وكالات الأنباء العالمية، وركزت عليها إذاعة الـ«بي بي سي»، فقد خابت كل توقعاتنا، بعد أن شبهت الخطبة الدعوة الى تحرير المرأة بكونها إلحاداً معاصراً، وان من يدعو الى تحرر المرأة فإنه يدعو في حقيقة الأمر إلى انسلاخها عن الأعراف والعفة والحياء واتباع الكفار والانحلال والتبرج والسفور!
مؤلم حقاً صدور مثل هذه الخطبة الموحدة في مثل هذا العصر من كل مساجد الكويت ووسائل الإعلام الرسمية في توقيت واحد، في الوقت الذي بدأت فيه دول كثيرة بالتململ من أوضاعها الداخلية البائسة، وعدم الاكتفاء بالتنديد بأوضاع المرأة فيها، بل والسعي بكل قوة لتغييرها نحو الأفضل، فلا يمكن القبول ببقاء نصف المجتمع في البيت مقبوراً مظلوماً محروماً من كل حقوقه الإنسانية، بحجة أن تحررها سيؤدي الى انسلاخها عن الأعراف والعفة والحياء! فجاحد أو جاهل من ينكر أن عشرات الآلاف من نساء الكويت، إن لم يكن أكثر، ومنذ أكثر من نصف قرن، يعتبرن في حكم النساء العصريات، السافرات المتبرجات، ومع هذا لم نر منهن أي انسلاخ عن الأعراف أو قلة حياء أو انحلال، وربما العكس أقرب إلى الصحة. فالأمثلة الرائعة موجود بكثرة في مجتمعنا، فقد كن دائماً خير فتيات، وأصبحن تالياً خير أمهات وخير جدات، ومصدر فخر لأسرهن ووطنهن.
إن هذا الإرهاب الفكري والوصاية الجامدة يجب أن يتوقفا، وعلى الحكومة أن تعي أن زمن قهر واستعباد المرأة قد ولّى إلى الأبد، وليس أمامنا غير التقدم إلى الأمام، ومحاولة اللحاق ولو ببعض من سبقنا، أما من هم في الصفوف الأولى فحامض على بوزنا اللحاق بهم، أو قطف العنب معهم!
ملاحظة: أعلنت وزارة التعليم في السعودية استبعاد عدد من المعلمين من مختلف المدارس، إضافة إلى بعض من أعضاء هيئات التدريس في الجامعات، بتهمة التأثر بأفكار جماعات محظورة كالإخوان المسلمين، وتشكيل لجنة خاصة لاختبار قيادات الوزارة والتأكد من خلفياتها الفكرية..! هل نتعلّم؟
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top