المحبة
كتبت شان تقول إنها تستمتع بقراءة ما أكتب مقابل ما يمطره به البعض من أمور تجدها غير لائقة في حقها وحق الملايين الذين يعملون بيننا، والذين يجعلون معيشتها في الكويت سهلة وممكنة. وتستطرد قائلة إن الرعاية الصحية أصبحت مكلفة، مع حزمة من الأمور الأخرى، وهذا يمكن تفهمه في ضوء شح موارد الدولة، ولكن ما لا تستطيع فهمه هو كل هذا الجو العدائي، والتصرفات غير المستحبة بحقها وحق كل الشرفاء، والمخلصين في أعمالهم، الذين يعملون في الكويت، والإصرار على تذكيرهم دوماً بأنهم وافدون، وأن عليهم أن يكونوا ممتنين لقبول الكويت بهم. وتقول إن لهذا تأثيره السلبي على نفسية المقيم وعلى إنتاجيته، وهذا يدفع الجميع ثمنه تالياً. وتقول إنها شاهدت كيف غادر أناس رائعون، ومحبون للكويت، تركوها للعمل في مناطق أخرى، بسبب الضغوط النفسية، غير المبررة، التي كانوا يتعرضون لها، وبسبب شعورهم بأن وجودهم غير مرحب به. وتقول إنها تعمل في مجال التعليم منذ 12 عاماً، وإنها حضرت للكويت بنية العمل لسنة واحدة، ومن ثم الانتقال إلى دولة أخرى، ولكن القدر سار بعكس ما كانت تخطط، وأصبحت الكويت وطنها الثاني. وتقول إنها مواطنة غربية، وهي هنا لا تكسب أكثر مما تستطيع جنيه في وطنها، ولكن شعورها بالأمان وما كونته من صداقات دفعتاها لأن تبقى فترة أطول مما كانت تخطط، وأن شعوراً بالحزن أصبح يكتنفها في السنوات القليلة الماضية، بسبب مشاعر البعض العدائية، واستمرار خطاب التعالي ضد المقيمين، وأنها كانت تفكر جدياً في ترك وطنها الثاني، بعد أن أصبحت تفتقد التقدير لما تقوم به، وأن المقال الذي كتبته عن دور الوافدين في حياتي قد جعلها تشعر بالراحة والسعادة، وأن هناك من يقدر عملها ويحترم وجودها، على الرغم من أنه لا يعرفها.
وكتب القارئ محمد جواد قائلاً إنه قرأ ما كتبت عن دور المقيمين الحيوي في تقدم الكويت وإعمارها، وإنه «يرفع قبعته» لما كتبت.
وتقول لافينيا إن ما كتبته كان أجمل ما قرأته في الصحافة الكويتية.
أما شانذي، فقد كتبت إن الدموع تملأ عينيها وهي تكتب رسالتها لي، لأنها شعرت بأن هناك، على الأقل، مواطناً واحداً قرر أن يشكر المقيمين ويشاركهم في مشاعره لما قدموه له طوال سنوات، وأنها ربما تغلبت عليها مشاعرها الجياشة لأنها تذكرت والدتها التي توفيت قبل فترة قصيرة، التي حضرت إلى الكويت عام 1962، وكيف أنها حتى آخر يوم في حياتها لم تكن مطمئنة، بعد 55 عاماً من الإقامة، من أن إقامتها، التي كانت ستنتهي في الأول من فبراير القادم، سيتم تجديدها.
وغير ذلك مما ورد في تلك الرسائل وفي غيرها، التي لا يتسع المجال لذكرها.
لا أكتب هذا من باب المباهاة، ولكن لأبين أن من يعيشون بيننا لهم كرامتهم وأحاسيسهم، فهم بشر مثلنا، وفي أحيان كثيرة أفضل منا، فلم لا نكون جميلين معهم، لنرضي الجانب الإنساني فينا، ونحصل على أفضل ما يمكن أن يعطونا إياه، ونرسم الابتسامة على وجوههم؟
لقد عشت وعملت في بريطانيا لسنوات، وكانت حقوقي، وقبل ذلك كرامتي، مصونة دائماً، وليس هناك سبب يدعو لأن لا نكون مثلهم، علماً بأنهم لم يكونوا بحاجة لي بقدر ما نحن بحاجة إلى المقيمين بيننا. وبالتالي، هم يستحقون بالفعل معاملة أفضل.

أحمد الصراف
الارشيف

Back to Top