قد تُمطر السماء
كتبت في موضوع هذا المقال قبل سنوات، ولا بأس من العودة للفكرة بطريقة مختلفة.
أنفقت مؤسسة تمبلتون الخيرية الأميركية، التي تختص بالدعوة للبروتستانتية، أكثر من سبعة ملايين دولار على تجربة طبية بحثية، بإشراف الدكتور هيربرت بينسون، طبيب القلب في مركز مايند آند بدي mind and body في مدينة بوسطن، لإثبات تأثير الأدعية في المرضى، ودورها في التعجيل بشفائهم، وكان ذلك قبل بضع سنوات.
أجريت التجربة على 1800 مريض، موزعين على
6 مستشفيات متباعدة بعضها عن بعض، وجميع من أجريت التجارب عليهم سبق أن خضعوا لعملية الشريان التاجي، التي كانت خطيرة في حينها.
تم وضع المرضى في ثلاث مجموعات. وقرر القائمون على التجربة أن المجموعة الأولى سيتم الدعاء لأفرادها بالشفاء في كنائس محددة، لكن من دون أن يبلغوا بذلك. أما المجموعة الثانية فقد تقرر عدم الدعاء لأفرادها بالشفاء! أما المجموعة الثالثة فقد تم إعلام أفرادها بأن الأدعية سترفع من أجلهم للتعجيل بشفائهم في مختلف كنائس البلاد.
كان الهدف ملاحظة مدى تأثير الأدعية، أو غيابها، في أفراد المجموعتين الأولى والثانية، وملاحظة تأثير الدعاء فيهما، أما المجموعة الثالثة فقد تم اختيارها فقط لملاحظة التأثير النفسي في أفرادها نتيجة الدعاء.
بدأ تطبيق التجربة بتلاوة الأدعية المحددة النصوص في تجمّعات كنسية تقع في ثلاث مدن اميركية تتبع ولايات متباعدة ومختلفة. وقام الدعاة بالدعاء بشفاء المرضى، ذاكرين أسماءهم فردًا فردًا. وقامت تاليًا مجلة القلب الأميركية الشهيرة بنشر نتيجة التجربة، التي تبيّن منها أن الأطباء لم يجدوا أي تغيّرات صحية على من تلقّوا الدعاء مقارنة بمن لم يتلقوه. وكانت المفاجأة الثانية أن من عرفوا بأن الأدعية سترفع من أجلهم، أي أفراد المجموعة الثالثة، فقد تدهورت صحتهم، وحصلت لبعضهم مضاعفات سيئة، لشعورهم بأن حالتهم الصحية ليست على ما يرام، بحيث تطلب الأمر الصلاة والدعاء من أجلهم في كنائس البلاد!
ما ينطبق على المجتمعات الغربية لا يعني بالضرورة انطباقه على مجتمعاتنا، فنحن لا شك أفضل منهم في الروحانيات.
ولكن من الواضح أن الكثيرين منا يكثرون من الدعاء، من دون محبّة وإيمان حقيقيين، ويقول المثل المصري «كتر السلام يقل المعرفة»، بحيث أصبح في غالبه كلامًا مرسلاً تظهر سلبياته بالاكتفاء به، بدلاً من القيام بأخذ زمام المبادرة، أو الاحتياطات اللازمة، أو القيام بما يفيد. فعندما نسمع مثلاً أن شخصًا وقع مريضًا فإننا نبدي أسفنا، وندعو له بالشفاء، ونكتفي بذلك بدلاً من القيام مثلاً بزيارته، أو إرسال باقة ورد «محرمة» له، أو حتى الاتصال به للاطمئنان على صحته!

● ملاحظة:
نذكِّر القرّاء، الذين أبدوا رغبتهم في مشاركتنا في تأسيس الجمعية الخيرية الخاصة، بمساعدة اصحاب الحاجة من الوافدين المعوزين، بأن اجتماع الجمعية التأسيسية سيُعقد يوم الإثنين في مقر رابطة الاجتماعيين في العديلية، قطعة 4، بجانب صالة الميلم، شارع سامي المنيس، في الساعة الـــ 5:45 مساءً.. ونرجو حضوركم جميعًا، لإنجاح فكرة الجمعية النبيلة.

أحمد الصراف
الارشيف

Back to Top