وصولية الجماعة
منذ ما بعد التحرير بقليل، وبعد انكشاف وقوف جميع قياديي جماعات «الإخوان المسلمين»، بمن فيهم إخوان الكويت، ضد فكرة الاستعانة بقوات غربية لتحرير وطننا، منذ يومها وجماعتهم في الكويت لم يتوقفوا يوما عن إعلان قطع علاقتهم وفك ارتباطهم بتنظيم الإخوان العالمي، واستقلالية مواقفهم وآرائهم. ولكن ما أن يدوس أحد على طرف «عصعص» إخوان مصر، أو ينتقد مواقف التنظيم العالمي لحركة الإخوان حتى ينتفض مدعو الانتساب للحركة الدستورية، ويستلون أقلامهم الصدئة للدفاع عن الإخوان، أينما كانوا!
وعليه فإن الناطقين باسم الحركة الدستورية مطالبون اليوم بتحديد موقفهم من الإخوان، والتنظيم العالمي، هل هم جزء منه، أم لا علاقة لهم به؟ فوضعهم المائع الحالي يتضمن الكثير من الوصولية. فإن نجح الإخوان جيّروا النجاح لحركتهم، وإن فشلوا قالوا إنهم مستقلون عنهم! وبالتالي من العيب تكرار تصديهم للرد على ما يكتب في الصحافة الكويتية من انتقاد للإخوان، وفي الوقت نفسه لا يتجرأون، أو بالأحرى يعجزون، عن الرد على ما سبق أن كتبه وأدلى به من كانوا يوما من الإخوان واكتشفوا حقيقتهم، وخرجوا من التنظيم، كالباحث ثروت الخرباوي، فلم يخضع أحدهم يوما كتابات الخرباوي لأي رد أو دراسة، خصوصا خطير اتهاماته في ما يتعلق بأساليب الإخوان، وتنظيمهم السري، التي ضمنّها كتابه القيم «سر المعبد»، الذي وضعه بعد انشقاقه عن الإخوان، بعد ما تبين له الفكر الحقيقي للجماعة، وما بينهم من أسرار وخبايا لا يعرفها من هم خارجها، حيث يقول: كان آخر لقاء جمعني بالمستشار مأمون الهضيبي، في عام 2002، صدمني الرجل بكلماته الجافة الخشنة، ولاحظت، كما لاحظ آخرون، أنه يتسم بضيق الصدر وسرعة نفاد الصبر، وكان لقائي معه هو خاتمة قصتي مع الجماعة. كانت آخر أيامي في تنظيم الإخوان هي أسعد أيام حياتي، ويا لها من أيام أدرك قلبي فيها أن تنظيم الإخوان كان سرابا يدفعني نحو التيه. ويضيف «فالنفس السوية ترفض الاستبداد حتى ولو كانت قيوده من ذهب، أو كانت جدرانه قد شيدت من لافتات الفضيلة». ويكشف الخرباوي في كتابه الأسرار الخفية لجماعة الإخوان والجوانب السوداء، ونظامها العسكري الذي أنشأه حسن البنا، وأباح فيه القتل باسم الإسلام، وغير ذلك من أسرار جديرة بالاطلاع!
ونكرر السؤال، لماذا لم يقم كتّاب الإخوان في الصحافة الكويتية، وما أكثرهم، من أعضاء أو متعاطفين، بالرد على الخرباوي وغيره، و«يحلوا قليلا عن سمانا»؟!
ولماذا لا يردون على من اتهم تنظيمهم بالاستبداد، وأن أفراده أضحوا عبيدا للقيادات؟ وكيف أن عضو الجماعة يجب عليه أن يدين لها بالطاعة العمياء، ولا يناقش أوامرها، حتى إن كانت ضد قناعاته، وإلا سوف يتهم بالخيانة ويطرد!
لا شك لدي أن غالبية، إن لم يكن كل من انتمى للإخوان، وفي أي مكان، كانوا على علم بأنهم ينتمون لتنظيم يمكن أن يحقق لهم فوزا ماديا أو سياسيا، ولم تكن خدمة العقيدة بالتالي هدفهم، والأمثلة أكثر من أن تحصى.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top