فريق «سما» الإنساني

أن تكون متدينا فالأغلب أنك ستكون طيبا ورحيما مع من ينتمي لدينك، أو بصورة أدق لمذهبك وطائفتك، وبصورة أكثر تحديدا، لمن ينتمي لعرقك نفسه أو وطنك ذاته، وليس ذلك بغريب، فهذا ما ارتاح له المتدينون! ولكن أن تكون إنسانيا فهذا يعني أنك ستكون طيبا ورحيما مع شريحة اكبر بكثير، بصرف النظر عن عرقها، دينها أو لون بشرتها! وبالتالي نحن بحاجة لأن نكون إنسانيين أكثر، ومتشددين دينيا أقل.
***
اعتاد ابناؤنا منذ سنوات القيام بعدة نشاطات خيرية لمساعدة هذه الجهة أو تلك، ومن ضمن أنشطتهم المشاركة، مع منتمين لجنسيات وديانات مختلفة أخرى، في بناء أو ترميم بيوت الفقراء في مناطق منكوبة أو فقيرة في أفريقيا وآسيا. وقد سألتهم مؤخرا، مع ازدياد مشاركاتهم في تلك الأعمال الخيرية «الحقيقية» عما يدفعهم للسفر بالطائرة لعدة ساعات، والغياب لأيام طويلة، والانتقال من مطار لآخر ومن سيارة لحافلة للوصول لأهدافهم، وهنا في الكويت من هم بحاجة، ربما اكثر، لجهودهم؟ فقالوا بأن الأمر ليس بتلك البساطة، فما يقومون به لا يتعلق فقط بالجانب الخيري، بل بجوانب إنسانية عميقة تتعلق بالتواصل مع المشاركين الآخرين، الذين يأتون من عدة دول وينتمون لعشرات الجنسيات، ويمتلكون مختلف المهارات المطلوبة والذين لا نوازع جنسية او عرقية أو دينية تدفعهم لتجشم كل ذلك العناء غير محبتهم لإخوتهم البشر، واستعدادهم للتطوع من دون منة ولا ابتغاء أجر! وتقول سما الوسمي، زوجة ابننا محمد، وهي إحدى المشاركات في مثل هذه الأنشطة، بأن وجودها وزوجها ورفاقها في تلك المناطق المحرومة، لا يعني مد يد العون لبناء بضعة منازل، أو ترتيب قروض صغيرة، بغير فوائد لتجهيزها، بل يهدفون أيضا لخلق روح التعاون بين ابناء القرية نفسها، فعندما يرى هؤلاء من جاء من بعد آلاف الأميال لمساعدتهم في الحصول على بيت، لا يكلف بناؤه عادة 3000 دولار، فإن هذا يخلق فيهم حب الخير والعمل الجماعي والتطوع من دون مقابل. وتقول انها ورفاقها على استعداد للقيام بمثل هذه المشاريع في الكويت وغيرها من الدول العربية، متى ما توافرت لهم البرامج اللائقة وتسهيلات الدخول والإقامة، وتحديد الأماكن المطلوب العناية بها، وكل هذه الأمور تحتاج لجهود كبيرة من مؤسسات غير حكومية، ومتطوعين «إنسانيين»، وهذا ما تفتقده مجمعاتنا بشكل صارخ!

وتستطرد سما قائلة بأن فريقها مكون من 24 فردا، غالبيتهم غربيون، وأنها اختارت هذه المرة التطوع لبناء بيوت في الهند لرد الجميل لمئات الآلاف منهم الذين سبق أن ساهموا، ولا يزالون، في بناء الكويت!

الارشيف

Back to Top