فضيلة الاعتذار

 القارئ الكريم د. محمد المنيع، الذي سبق أن استعنت برده في كتابة توضيحي على ما سبق أن نسبته من أبيات شعرية للمتنبي، عاد وكتب الرد التالي، على مقالي الأخير عن المتنبي: الأخ احمد. تحية طيبة: من وعد أوفى، ومن قال صدق، وأحسن الاماكن أجملها، وخير المراكز أعلاها، وأحسن القول أصدقه، ويعرف الرجال بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال، وانت بك كل ما كتبت أعلاه!

لقد قرأت مقالك «مقال الاعتذار» الجميل والطريف في القبس، وقربني اكثر اليك والى القبس، كما العهد الصادق، والوعد الوفي. وهذه أبيات من شعري كتبتها لك، الأولى بالفصحى، والثانية بالعامية، تقديرا وعرفانا:

واني على ما وعدت للوعد وافيا

اقول كما قال الصادق الجزل

تعلمت الوفى لما قلت واعدا

وكيف لا وأخلاقنا تجمع الشمل

***

ليت الطريق اللي يوصلني لك يدلك

والله لأفرشه بورد وزهر وكل ما يسرك

وليت عيني ما تشوف في البشر غيرك

حتى لو راح النظر في خيالي اشوفك

فشكرا لك كما قال الشاعر أبو عيينة بن محمد بن أبي عتبة المهلبي، (والذي لم اسمع به في حياتي):

لو كنت أعرف فوق الشكر منزلة

أوفى من الشكر عند الله في الثمن

أخلصتها لكم مـن قلبي مهذبة

حذواً على مثل ما أوليتم من حسن

د. محمد المنيع

 

***

أنشر هذا الرد اللطيف، دون تغيير في محتواه، ليس لغرض شخصي، بل لكي أدلل على ما للاعتراف من أهمية ووقع طيب في النفوس. فقد كان بإمكاني تجاهل عشرات الردود التي وردتني، معاتبة محتجة، وحتى شاتمة، تاركا الأمر لضعف الذاكرة البشرية، خاصة أن أغلبية القراء «استمتعوا» بذلك الخليط من أبيات الشعر، من دون الاهتمام بحقيقة هوية قائلها. وهو وضع يشبه استمتاعهم بكلمات أغنية جميلة دون الاكتراث، غالبا، لمعرفة اسم من صاغ كلماتها!

الأمر الطريف أيضا أن د. محمد المنيع طبيب استشاري، وغريب في مجتمعاتنا اهتمام شخص «علمي»، بالمواضيع الأدبية، وانغماسه في الشعر وحفظ الكثير منه!

نعود الى موضوع الاعتذار ونقول إنها فضيلة نفتقدها في مجتمعاتنا، ولم أكن أفضل من غيري في التعامل معها، ولكني «دربت» نفسي في السنوات الأخيرة على الاعتذار، متى ما بدر مني ما يسيء لشخص أو وضع ما، وقد أراحني ذلك كثيرا، وجنبني زعل البعض!

الارشيف

Back to Top