ليلى والكاتش تونتي تو

تعودت مجموعات سياسية دينية معينة على ضرب الدول الغربية وأمريكا بالذات تحت الحزام كلما قصرت أو تلكأت ، لسبب أو لآخر ، في التدخل عسكريا وسياسيا للدفاع عن الأقليات المسلمة أينما كانوا وخاصة في البوسنة وكوسوفو . وربما تناسى هؤلاء أن دخول الحرب ليس مثل الخروج منها ، والدكتاتور العراقي صدام خير من يعرف مدى صحة هذا الأمر . كما أن ذكرى ما قاسته أمريكا في لبنان والصومال من مرارة لا يزال عالقا تحت لسان من بقي من مسئوليها في الحكم منذ تلك الأيام  .
وحدها ليلى شيخوفيتش أربكت الجميع وجعلتهم في حالة قريبة من حالة " الحيص بيص" أو الكاتش تونتي تو catch  22 وهذا التعبير يعني ذلك الوضع الذي يجد المرء نفسه فيه حائرا في أي اتجاه عليه أن يسير وهويعلم جيدا بأنه سيكون خاسرا في كلتى الحالتين!!
                        *******************  
تم انتخاب الآنسة ليلى ، قبل أسبوع ، ملكة جمال لكرواتيا ، وهي إحدى جمهوريات يوغسلافيا السابقة ذات الأغلبية الكاثوليكية الساحقة . وأكتشف المنضمون بعدها بأيام أن الفتاة ذات 18 ربيعا تنتمي للأقلية المسلمة ، وهي بالتالي لا تستحق " شرف "  تمثيل كرواتيا في مسابقة ملكة جمال العالم القادمة وتم بالتالي تجريدها من اللقب . وهنا تدخل الأخ الفاضل أو الكريم رئيس اللجنة المنظمة لمسابقات الجمال العالمية وهدد بحرمان كرواتيا من حق الاشتراك في المسابقة ما لم تقم بإعادة اللقب لليلى الحلوة . وتدخلت في الأمر منظمات أوربية ودولية لحقوق الإنسان ومحاربة التمييز العنصري والديني .كما تدخلت شخصيات دينية وسياسية وثقافية وفنية وإعلامية مسيحية وغيرها منتقدة تصرف الحكومة الكرواتية . كما وجهت منظمات ثقافية وفنية بوسنية مختلفة بيانات وانتقادات واسعة بشأن هذا الموضوع الذي أثار ضجة كبيرة .
وفي ضخم كل هذه الضجة والثورة وعشرات الاحتجاجات الدولية اختارت طبول المجموعات السياسية التي أشرنا لها في بداية المقال " الصمت التام " !! فقد سكتت عن الكلام المباح وغير المباح وكأن الأمر لا يعنيها بعد أن اكتشفوا عمق الحفرة التي وضعتهم الآنسة شيخوفيتش فيها !! فإن هم تقدموا لنجدتها واستنكار ما تعرضت له من تمييز ديني وعرقي فهذا يعني موافقتهم ، من ناحية المبدأ على الأقل ، على مسابقات الجمال !! وإن هم سكتوا ولم يعترضوا على ما أصاب فتاة مسلمة من هضم حقوق وتفرقة  فإن ذلك سيفسر وقوفهم إلى جانب الكرواتيين الأشرار والعنصريين ضد فتاة مسلمة مكسورة الجناح واشياء أخرى ، وانفردوا من دون العالم بتأييد إجراء الكروات ؟؟
سامحك الله يا ليلى ، يا من عشت على الزيتون والجبنة ، فقد كشفت عورات ما كانت تحب أن تنكشف !!!    
أحمد الصراف    28/10/98

الارشيف

Back to Top