الشعوذة والمشعوذون

اخيرا وبعد انتظار طال اكثر من ربع قرن، وبعد عشرات المقالات الانتقادية التي طلب فيها، من العديد من الجهات الحكومية، التحرك لوضع حد لظاهرة خطيرة ومؤذية، والتي يدل وجودها على مدى سذاجة عقل وتخلف تفكير قطاع كبير جدا من الشعب، اصدر وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد الصباح امرا اوقف فيه اعمال ممارسة قراءة القرآن بغرض علاج الامراض، واخذ مقابل مادي لذلك.
لقد تسبب غياب هذا القرار، وتقاعس السلطات الأمنية والصحية ومسؤولي وزارة الشؤون، الى ابتزاز عشرات الالاف من السذج في عمليات العلاج الوهمية هذه، وادت بعض حالات العلاج الى التسبب في اصابة العشرات من المرضى بحالات تسمم خطيرة، كما ادت الى ما هو اخطر من ذلك بكثير، وسجلات المخافر والمستشفيات وصفحات الحوادث في الصحف والمجلات، خير شاهد على ذلك.
لقد ساهمت الاذاعة الرسمية لدولة الكويت في نشر هذه الخزعبلات والترويج لهؤلاء المشعوذين الافاقين المحتالين، وذلك عندما قامت، وعلى مدى سنوات 'باستضافة' اكثر من واحد من هؤلاء الذين تخصصوا في الضحك على ذقون الناس وسرقة اموالهم عن طريق الادعاء بتملك القدرة على شفاء اكثر الامراض تعقيدا واستعصاء على الطب التقليدي المعروف، وذلك بالاستعانة بالقرآن الكريم، والذين كانوا دائمي الادعاء بأن هدفهم الاول والاخير مرضاة الله، وان ما يتقاضونه من رسوم قليلة لا تتجاوز احيانا ربع او نصف دينار هي لتغطية مصاريف شراء عدة النصب والاحتيال!!!
من المؤسف ايضا ان صحفا ومجلات معينة ساهمت في جعل الكويت عاصمة وجنة لهؤلاء المشعوذين، الذين اصبحوا يأتونها من مصر والبحرين والمملكة والامارات وسوريا، والذين ساهمت جهودهم 'الجبارة' في نشر الخرافة بين قطاعات كبيرة من افراد هذا الشعبِ ومن المؤسف ايضا وايضا ان يكون بعض اصحاب هذه المجلات ممن يتوقع منهم، بحكم مهامهم المهنية، ان يكونوا قدوة لغيرهم.
نشكر السيد وزير الداخلية على هذا التصرف الشجاع والجيد ونأمل منه المزيد من الاصلاحات التي طالما طالبنا بهاِ كما نشكر العميد عبدالحميد العوضي مدير عام الادارة العامة للمباحث الجنائية على جهوده للقضاء على هذه الظاهرة المؤذيةِِ الاهم من كل ذلك الان تفعيل هذا القرار ووضعه موضع التنفيذ، فقد قرأنا وسمعنا ورأينا عشرات الاوامر المماثلة، والتي لم تطبق حتى في حالة واحدة، ونأمل ان يكون هذا الامر بداية الاصلاح.
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top