فوائد. اللحية ونصفها

ربما بسبب الكسل، او رغبة في تغيير بعض من ملامح الوجه بعد 54 عاما، او ربما في حركة احتجاج او تبرم لا ارادية لما نسمع ونقرأ من سخف القول وما نشاهد من قلة الفهم في التصرف ممن نصب نفسه وليا على اخلاقياتنا وواليا على تصرفاتنا، تركت لحيتي لكي تنمو خلال فترة عطلة العيد، وبقيت هكذا حتى تاريخ كتابة هذا المقال، ولكن يبدو ان ايام بقائها 'متربعة' على وجهنا قد اصبحت معدودة بالرغم من ثراء وغرابة التجربة التي مررت بها بسبب وجودها على محيانا!!.
الملاحظة الاولى ان ايماءاتي الجسدية، اصبحت اكثر بطئا، واصبحت اتحرك بتثاقل واضحِ كما زادت نسبة من اصبحوا ينادونني بلقب 'حجي' او عمي الحاج!! كما اصبحت اللحظات الاولى التي تتبع قيامي من النوم اكثر سعادة فور تذكري بأنني غير مجبر على القيام بعملية الحلاقة اليومية المعتادة التي تشمل الشارب واللحية وغير ذلك من رتوش ونتوش ونتف وحف!!.
كما لاحظت اختلافا واضحا في طريقة معاملة موظفي الحكومة، وخاصة الملتحين منهم، لمراجع ملتح مثلي!! حيث بادرني احدهم قبل ايام بالقول اثناء دخولي عليه بخصوص اعتراض الوزارة المعنية على مخالفة غير مقصودة تضمنها اعلان تجاري قمت بنشره قبل مدة، حيث قال انه يعتذر عن طلب حضوري شخصيا لتوقيع التعهد، وان من الواضح أنني شخص مختلف!! وان العقوبة قد وضعت اصلا لفئة لا ينتمي هو، او أنا، او من هم على شاكلتي بالأحرى لهاِ وانه كان بامكاني الاكتفاء بإرسال المراسل، او من يمثلني لكي تنتهي معاملتي، او مخالفتي بدون حضوري شخصيا!!.
وقد ابتسمت في داخلي، وقلت في نفسي، آهِِ لو يعلم الحقيقة لما تردد في شق ملابسه الداخلية قبل الخارجية!! وقد جعلتني ملاحظته 'القيمة والمفيدة' تلك افكر في العشرات، بل الآلاف، من الملتحين الذين التقي بهم كل يوم وفي كل مكان، وهل هم حقا من الطيبين الطاهرين الخالين من الاغراض والنوايا والوصولية؟ وكم منهم مر بمثل ما مررت به من تجربة وترك لحيته، بطريق الصدفة، لكي تنمو واكتشف فائدتها فتركها على سجيتها بعد ان توكل على الله وقرر ان يستثمرها في تحقيق مآربه والوصول عن طريقها لأعلى المناصب وهو ابعد ما يكون عن التقوى والتدين الصحيح؟ وكشوف اسماء مساجين الكويت من 'المشاهير' السابقين خير دليل على ما نقول!!
من التعليقات الطريفة والمفيدة التي سمعتها عن 'لحيتي' أنها قد زادتني وقارا بعد ان اصبحت أبدو اكبر من عمري الحقيقي بعشر سنوات على الاقل، ولم يعجب هذا القول السيدة حرمنا بالطبع، فقد اضيفت الزيادة نفسها لعمرها بصورة تلقائيةِ كما 'اكتشفت' من صديق عزيز ان من فوائد تربية اللحية ما يتم توفيره من اموال طائلة لشراء شفرات حلاقة وصابون وكريمات ما بعد الحلاقة إضافة إلى الكولونيا!! وما يتم استهلاكه من مئات آلاف من لترات الماء المقطر من البحر لزوم إزالة رغوة الصابونِ كما ان تربية سكسوكة صغيرة او نصف لحية يمكن ان توفر على صاحبها نصف التكاليف اعلاه على الاقلِ إضافة الى الفوائد الاستراتيجية الأخرى التي سبق وان ذكرناها والمتعلقة بالترقية وسرعة إنجاز المعاملات!!.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top