أين تقع إيران؟

هل ايران دولة صديقة؟ هل هي دولة عدوة؟ هل هي شقيقة؟ ام هي فقط جارة مسلمة؟.
من الصعب اعطاء اجابة واضحة تكون مقبولة من الغالبيةِ فللأهواء دورهاِ وللتعصب دوره، ولرياح السياسة دورها، وللاحداث المعاصرة دورها كما ان للتاريخ دورهِ والاهم من كل ذلك ما يلعبه الجهل المتبادل من دور خطير في صعوبة وضع اجابة متجردة ومقبولة.
نشأت، كما هو الحال مع مئات الآلاف غيري من الكويتيين، في اسرة تمتد جذورها الى بلاد فارس، او الى مكان ما في جنوبها، وهاجرت الاسرة من هناك عند تحول القرن وعبرت البحر الى الكويت ليستقر بها المقام هنا منذ ذلك الوقتِ وغير معروف حتى الآن السبب الذي دفع كل تلك الاسرة للقيام بتلك الهجرات الجماعية، ففرص العمل وظروف الحياة، قبل مائة عام او اكثر، لم تكن في الكويت وغيرها من مدن الساحل الغربي من الخليج باحسن حال منها في الجزء الشرقي منه!!.
بالرغم من هذا الامر الواضح الا ان ما يربطني، وغالبية الذين يشاركونني في اصولي، بتلك البلاد وبثقافتها وتراثها ولغتها وآدابها وتاريخها لايكاد يذكر ويمكن حصره بقرابة هنا وكلمة هناك وجملة من اغنية وطرف من لحن ولاشيء غير ذلك!!.
فاذا كان هذا حال من هم في وضعي، فما هو اذا حال بقية افراد الشعب ممن لاصلة لهم من بعيد او قريب بتلك الدولة؟ ولماذا نحتار دائما، رسميا وشعبيا، في وضع تصنيف واضح، او اطلاق صفة دقيقة ومحددة على تلك الدولة؟ ولماذا يرد اسمها تارة بنشرات الاخبار على انها الدولة الشقيقة وتارة الجارة المسلمة وتارة اخرى الجمهورية الاسلامية الصديقة؟ ولصالح من يستمر هذا التجهيل؟ ومن الذي يستفيد من هذا الوضع غير الصحيح؟ ولماذا نبقي الجميع، وربما بتعمد واضح، في جهل تام عما تمثله تلك الدولة او ما يمثله شعبها بالنسبة لنا؟؟.
فان كانت الحكومة الرشيدة تعتقد ان ايران جارة ومسلمة وصديقة واحيانا تخاطبها بالشقيقة، فان هذا يعني بان من واجب افراد شعب هذه الحكومة معرفة ما هو ضروري على الاقل عن هذه الدولة الشقيقة والصديقة!! وان كانت الحكومة الرشيدة ايضا تعتقد بان هذه الدولة غير صديقة لنا ولاتكن لنا الخير، او انها عدوة او شبه ذلك، او ربما ستصبح عدوة، لنا مستقبلا، لسبب او لآخر، فهنا ايضا يجب ان نعرف شيئا ما عنها، لكي نأمن شرهاِ فما دفعناه من ثمن باهظ وهزيمة مريرة بسبب ما عشنا به من جهل بحقيقة قوة اسرائيل او نقاط ضعفها، مع الفارق الكبير في حالة ايران، يجب ان يكون درسا لنا لكي نعرف شعب وتاريخ وظروف واهواء وقوة وضعف كل امة تحيط بنا، وهذا ما لم يحدث في اي وقت، فطوال سنوات الدراسة المنتظمة منذ اكثر من نصف قرن من الزمن، سواء في المدارس الحكومية او غيرها، لم تحاول اي من الادارات العليا التي انيط بها امر وضع المقررات الدراسية تضمين اي من الكتب المدرسية اية مواد تعليمية او تثقيفية، ولو من باب ذر الرماد في العيون، عن ايران سواء على ايام الشاهنشاه او على ايام الجمهورية الاسلاميةِ وكل ما نعرفه عن تلك الدولة الكبيرة لا يزيد عما قيل وذكر ونشر من امور تتعلق بالكراهية او التعصب او نوايا تصدير الثورة وكراهية العرب والخليجيين، ولا ننسى الحساسية المذهبية المتأصلة وغير ذلك من الامور كالاختلاف على اسم الخليج الذي يفصل، او ربما لن يربط الجانبين، وكل هذه امور قد يكون بعضها او كلها يحتمل الصحة او الخطأ، والذي لم، وربما لن نعرف حقيقة اي منها في يوم من الايام!!.

ما تقوم به صحيفة 'القبس' منذ فترة قصيرة، من محاولة لنشر ترجمات لمقتطفات من الصحف الايرانية تبين مختلف وجهات النظر على الساحة السياسية والاقتصادية في ايران، هي محاولة جادة ورائدة وتعتبر غير مسبوقة لكونها المرة الاولى التي تقوم صحيفة كويتية، وربما خليجية، بمثل هذه المحاولة التي يمكن وصفها بالجريئة والمفيدة جدا.
ان الوقت قد حان للقيام بدور اكثر فاعلية لمعرفة الشيء الكثير الذي نجهله عن الطرف الآخر، ومن ذلك ضرورة العمل على التواصل الاعلامي والثقافي بصورة اكثر ثراء وزخما مع تلك الجارة التي لا اعرف حتى هذه اللحظة الصفة الرسمية التي يجب ان استعملها في مخاطبتها، واكون في الوقت نفسه في الجانب الآمن، وبريئا من تهمة التحيز او المحاباة المغرضة!!.
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top