السحر الأسود والجن الأزرق!!

انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة المشعوذين والسحرة والمعالجين بالرقية وقراءة القرآن ومبطلي السحر من الانس والجانِ وكون بعضهم ثروات كبيرة من السذج والأذكياء ومن البسطاء والمعقدين على السواء، ولم تتحرك عضلة في جسم الحكومة الرشيدة لتوقف هذا الاسفاف وهذا الانحراف والمتاجرة بعقول الناس وعواطفهم، وكأن الأمر لا يعنيها.
فلا التربية، بعد ان بقيت بغير وكيل لأكثر من نصف عام، تحركت لكي تنبه لخطر أفكار وأعمال هؤلاء المشعوذين، ولا حاولت الأوقاف 'تحمير' عينها ومطالبة أئمة مساجدها بالتحذير من هؤلاء السحرة والأفاقين، ولم تتحرك قوى الداخلية وسياراتها التي تملأ الساحة عند وقوع حريق، لوقف نشاط هؤلاء بعد أن كبر شرهم، بالرغم من أنها تعرفهم وتعلم عن شر أعمالهم وبما يسببونه كل يوم من ضرر للمجتمع وابتزاز لأموال المواطنين والمقيمين، كما أنها تعرف عناوينهم وصورهم ومقابلاتهم وكافة البيانات الأمنية عنهمِ ولم تتحرك جحافل وزارة الصحة وأطباؤها وأقسام العلاقات العامة والتوعية فيها، لتحذير آلاف المرضى والمراجعين مما تشكله ظاهرة المشعوذين والمتاجرين بالدين من خطر على عقول الناس وصحتهم وجيوبهم حتى جمعية الأطباء بمجلس ادارتها القديم ـ الجديد لم تحاول يوما محاربة هؤلاء الذين يشكلون أكبر خطر على قدسية وظيفة الطبيب ومكانته في عقول وقلوب ورزق الكثيرين من زملاء المهنة، ولم تتحرك كالعادة وزارة الاعلام، وهي التي لا تترك أمرا مخالفا الا وأحالته للنيابة، لوقف نشر خزعبلات هؤلاء في الصحف الخاصة والاذاعة الرسمية وعمل دعاية مجانية لهم!!.
لقد يئسنا من كل هذه الأطراف وربما سنضطر قريبا للجوء لوزارة الخارجية أو ربما لمنظمة الصليب الأحمر الدولية أو حتى الهلال الأحمر المحلية أو حتى الأمم المتحدة وطلب مساعدتها في القضاء على هذه المأساة ـ الظاهرة، لعل احداها تستطيع فعل شيء لوقف كل هذا الهراء الذي يرتكب باسم الدين مستغلين أقدس المعتقدات لتحقيق مآربهم مساهمين في تدهور الأخلاق والقيم، والأخطر من كل ذلك مشاركين، بصورة مباشرة، في تخلف أفراد المجتمع وفي محاولة إلهاء الناس واشغالهم بالسخيف من الاعتقادات التي لا أساس لها من الصحة.

تكررت في الفترة الأخيرة زيارات 'الشيخ' مدحت عاطف للبلاد بهدف تقديم خبراته العظيمة في علاج السحر الأسود والسحر السفلي والتفريق بين الزوجين وسحر تعطيل الزواج وسحر المحبة والجنون والشرود والسرحانِ ويقول الشيخ في مقابلة مع احدى المجلات بأن هدفه وضع حاجز بين الدجل والشعوذة من جهة والطرق العلمية في العلاج من جهة اخرى!! كما صرح في المقابلة نفسها بأنه توصل لمعرفة تركيبة الجن (!!) بعد أبحاث أجراها في المختبرات لمدة 25 سنة (!!)ِ وبأنه محارب ومستهدف من البعض (ولا أدري كيف يكون محاربا وهو الذي سخر الجن لخدمته، والوحيد الذي عرف تركيبة الجن) وقال بأن لديه نصف مليون مستند ورسالة موقعة ممن شفوا على يديه بعد ان خضعوا لعلاجه (وهذا يعني ان هناك نصف مليون آخر لم ينجح في علاجهم أو لم يتسن له الحصول على رسائل وكتب منهمِ ولو افترضنا بأن كل عملية كشف وعلاج واستشارة وتوقيع أوراق تطلبت 15 دقيقة فقط فان هذا يعني ان الشيخ مدحت قد احتاج لانجاز هذا الأمور الى 15 مليون دقيقة أي 250 ألف ساعة أي 30 سنة عمل تقريباِ وحيث انه يحتاج لمثل ذلك للنوم والراحة وزيارة الأطباء والمستوصفات لتلقي العلاج العادي، وحيث أنه ذكر بأنه قد قضى 25 عاما في المختبرات لمعرفة تركيبة الجن، ولو افترضنا بأنه بدأ أبحاثه عن الجن عندما كان في الخامسة عشرة من العمر، فان هذا يعني أنه الآن في المائة من العمر!!).
لا نريد ان نستطرد في نشر كل ما قرأناه من سخف الكلام.
ونطالب هنا أية جهة رسمية بالتدخل ووضع حد لما يرتكب في حق العقل والمنطق من جرائم يومية.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top