كيف يمكن تحجيمهم؟

على مدى عشرين عاما أو أكثر قامت الحكومة راضية مرضية برعاية ودعم التيار الديني، وسهلت له عملية التغلغل في كافة المصالح والدوائر والمراكز والمناصب الحكومية الهامة والهامشية على حد سواءِ وقد حاول العديد من كبار السياسيين تحجيم بعض اعضاء الحركة أو تجميد نشاطها على الأقل، ولكن كان مصير كافة تلك المحاولات الاصلاحية الفشل الذريع بسبب ثوب الحنان والرعاية الذي أسبغته الحكومة على تلك التنظيمات والتي جعلتها تبدو كطفلتها المدللة.
من المعروف ان القوة المطلقة تؤدي حتما إلى فساد مطلق، وبناء على ذلك فقد استمرأت الحركات الدينية المتحزبة طعم النجاح والسطوة والنفوذ ولعبت 'سكرة القوة' برؤوس اركانها فأصبحوا يتصرفون وكأن لا أحد بقادر على الوقوف في وجههم وقول كلمة 'لا' لهم.
لطالما كتبنا نحذر كل من برأسه عقل بأن أمثال هؤلاء من نشطاء الحركات الدينية وقيادييها سوف لن يستمروا في موقفهم الممالئ للحكمة إلى الأبد وسيأتي اليوم الذي سوف لن يكتفوا فيه بقبض ثمن مواقفهم حيث انهم، وبحكم طبائع الأمور، يودون الانتقال للمرحلة التالية والقيام بدور الموجه أو الصانع الحقيقي للحدث بدلا من انتظار نعمة ورحمة وشفقة وحنان ورضا ولي النعمة.

لقد كان قرار سمو أمير البلاد القاضي باصدار قانون بمرسوم يمنح فيه المرأة حق المشاركة في الانتخابات البلدية والنيابية من اخطر القرارات التي صدرت في فترة ما بعد الغزو وابعدها اثرا على الحياة الاجتماعية والسياسيةِ ويكفي لمعرفة مدى خطورة وأهمية ذلك القرار استطراد اسماء الجهات والشخصيات الدولية السياسية والعلمية والمهتمة بحقوق الانسان التي قامت بتهنئة الكويت على تلك المبادرة العظيمة.

ذكرت الصحف المحلية قبل ايام ان وزارة الاوقاف قد قامت بانهاء خدمات عدد من أئمة المساجد لاسباب تتعلق بمخالفات وظيفيةِ كما ذكرت الصحف في اليوم التالي ان العديد من أئمة المساجد، ومن الكويتيين بالذات، قد قاموا بالتنديد بمشروع قانون منح المرأة حق الانتخاب والترشيح، وطالبوا، من خلال خطب الجمعة، الناخبين سؤال مرشحي مجلس الأمة عن مواقفهم من هذا القانون، كما طالبوهم برفض تأييد كل من يؤيد هذا المشروع أو لا يعارضه بصراحة تامة، وقد ذكرت الانباء ان اسماء هؤلاء قد تم رفعها لوزير العدل والاوقاف والشؤون الإسلامية، لاتخاذ ما يراه في حقهم بعد خروجهم على تعليمات الحكومة وعدم التقيد بتعليماتها بخصوص مواضيع خطب الجمعة، خاصة انهم من موظفي الوزارة أو من العاملين ضمن كادرها، لا تعليق !!!
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top