الطامة الكبرى (1)

تعتبر الكويت من اصغر دول العالم حجما وأقلها سكاناِ ولولا ما تحظى به من مخزون نفطي استراتيجي كبير لكان حظ ذكرها في العالم لا يزيد عن نصيب أية دولة صغيرة تقع على أطراف العالم وتعيش بهدوء وسلام تامين مع نفسها وجيرانها.
بسبب صغر مساحة الدولة وضآلة عدد سكانها وانعدام المهارات الاقتصادية والصناعية لديهم وشح كافة أنواع الموارد الطبيعية الاخرى اضافة الى قسوة مناخها فان الكويت وشعبها بحاجة، بطريقة أو بأخرى، للعالم أجمعِ وتتمثل هذه الحاجة في ما تقوم البلاد باستيراده من الخارج، والذي يشمل كل شيء تقريباِ حتى مخزونها من النفط الخام لا يعني شيئا بدون حاجة الآخرين لهذه المادة، وما يتطلبه استخراج هذا المخزون من علم ودراية وخبرة ومعدات لا تتوافر الا في الدول المسيحية الغربية، التي تسيطر شركاتها، اضافة لذلك، على جزء كبير من عمليات تكرير النفط ونقله وتسويقه.
وعليه، من الواضح جدا أن بامكان كل من يتعامل مع الكويت او يعمل بها الاستغناء عن هذا الأمر في أية لحظة ولأي سبب كان، وتجربة الغزو المريرة التي مرت بها الكويت خير برهان على ذلكِ وفي المقابل لا تستطيع الكويت بكل ما أوتي أهلها من عزم وتصميم أن تعزل نفسها عن العالم، حيث أن المسألة لا تتعلق بالرفاهية التي تعود عليها هذا الشعب، بل بالبقاء او الفناء! فنحن نستورد كامل ما نأكل ونتطبب بكامل ما نستورد من الخارج ونكتسي بما نشتري من دول العالم الأخرى، ووجودنا، بشكل عام ونوعية ومستوى هذا الوجود، مرهونان بعلاقتنا مع الغير أني كانت ديانة أو اعتقاد هذا الغيرِ ولا ننسى هنا أن عملية تحرير الكويت، التي شاركت فيها قوات أكثر من ثلاثين دولة، كانت خير دليل على مدى هشاشة وضعنا الأمني وقلة حيلتنا ومدى حاجتنا لكل مساعدة خارجية ولكل رعاية وعطف دوليينِ وكم كانت سعادة كل فرد منا، وبدون استثناء، وترحيبه البالغين بكل ذلك الخليط الديني والعرقي الذي شارك في عملية التحريرِ ولا أعتقد أن أحدا منا، فكر وقتها بعدم أهلية أولئك الجنود لعملية تحرير أرض إسلامية بحجة أنهم إما من حليقي الشوارب أو لأن قصات شعرهم غير مطابقة لنظريات وزارة الأوقاف الكويتية، وهو الأمر الذي سنتطرق له في مقال الغد.

من أجل ذلك، أو بسبب كل ذلك، يجب أن لا نتكبر على الآخرين وأن نتواضع ونعرف جيدا حقيقة قدراتنا وإمكاناتنا ومستوى حجمنا ومدى أهميتنا في العالمِ والأهم من كل ذلك يجب أن نتعلم ان لا نخطئ في حق الآخرين، وخاصة أولئك الذين سبق أن أحسنوا الينا، أو أولئك الذين نحن في أمس الحاجة لمساعدتهم اليوم وغدا وبعد الغد وربما الى الأبد طالما بقيت الأطماع تحيط بنا من كل حدب وصوب.

بعد هذه المقدمة الضرورية تعالوا نقرأ في مقال الغد في محتويات النشرة المصقولة التي قامت وزارة أوقاف دولة الكويت بطباعتها من المال العام والتي قامت بتوزيعها على المواطنين والمقيمين، والتي كالت فيها مختلف الشتائم لثلاثة أرباع أهل الأرض لا لشيء الا لأنهم غير مسلمين.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top