لم يستبينوا النصح

لو لم تكن هذه الحكومة حكومة دولتي، ولم يكن هذا المجلس مجلسا وطنيا لجلست على تلة عالية أمعن النظر بهذا المشهد التراجيدي الذي يجري أمام عيني، وأبكي واضحك من ضعف هذه الحكومة وقلة حيلة هذا المجلس حيال تسارع الاحداث من حولنا وحولهما.
لقد نصحنا ونصح من هو اعلم منا، وكتبنا وكتب من هو ادرى منا، وتعبنا وتعب من هو أقوى منا من القول وتكرار القول ان من 'يهن يسهل الهوان عليه'، وان علينا القول كفى لكل محاولات التقليل من شأننا، وان نقف بحزم لكل من يود استضعافنا لكي ينال من كرامتنا، وإن الاوان قد آن لكي نقول لكل الاصدقاء وكافة الاشقاء وعموم الاحباب: شكرا لمحبتكم وشكرا لاهتمامكم وشكرا لخوفكم علينا وحرصكم على راحتنا، ولكن دعونا ندافع عن انفسنا ونتحالف مع من نعتقد انه الاقدر والاجدر بالدفاع عن وجودنا وكياننا وحريتنا وكرامتنا، فلا الجامعة العربية قادرة على الذود عنا، ولا بامكان الاشقاء صون استقلالنا، ولا دعاء الاحباب كاف لرد الشر والأذى عنا!!.
وعليه، من المهم ان نفكر بطريقة عقلانية اكثر ونحكم عقولنا ونقول لكل من يعنيه الامر باننا سئمنا من مناورات الجامعة العربية وامينها العام، وتعبنا من كم الوعود التي اغدقت علينا من كل طرف، واصابنا القرف من ضعف شقيقاتنا العربيات، وبات من حقنا، ولو لمرة واحدة، ان ندير ظهرنا للجامعة العربية، كما هدد وفعل اكثر من عضو فيها، ولم يكد ينهي جملته الا والكل يود رضاه ويطلب مرضاته ويسأل عن خاطره.
لقد خسرنا الكثير، وطوال ربع القرن الماضي، بسبب رهان الحكومة الخاسر على بغل وليس حصان الاحزاب المتطرفة في محافظتها، وخسرنا اكثر عندما فشلنا في استغلال فرصة ذهبية كان من الممكن ان نخلق فيها وطنا مثاليا خاليا من غالبية عيوب دولة ما قبل الغزو.
كما فشلنا فشلا مبينا بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 في ان نقف وقفة صادقةمع الصديقة الوحيدة، والحامية الاكيدة لاستقلال هذا الوطن الصغير، وكرامة من فيهِ وظهر بؤسنا ونحن نحاول ان نوازن بين هذه الصديقة، وبين الاطراف المؤيدة للملا عمر وبن لادن وعصابتهم، فوضعناهم في كفة، ووضعنا كل ما تمثله اميركا في الكفة الاخرى.
أين نجد أنفسنا اليوم، وبعد كل هذه المحاولات والتجارب والقرارات غير الموفقة؟
نجد اننا اصبحنا، وبعد كل مؤشرات الفشل التي برزت في اجتماعات وزراء الخارجية العرب في بيروت، وبعد رحلات المندوبين العراقيين المكوكية، التي غطت كافة الدول العربية والشقيقة والصديقة، وكيف استقبل هؤلاء السفاحون بالاحضان هنا وهناك، نجد اننا اصبحنا وحيدين على الساحة، واصبح كل طرف يريد ان يزايد على وطنيتنا وعروبتنا وحرصنا على قضية 'التضامن العربي' و'الحظيرة العربية' و'السرب العربي'ِ وتبين جليا اننا اصبحنا حقا من غير سند ولا رفيق، وليس لنا الا من سبق أن كان الطرف الوحيد الذي وقف معنا، والذي سنفقده حتما ان اصررنا على الاستمرار في ارتكاب كل هذه الحماقات في حقه وحق انفسنا!
والآن هل من الممكن ان نتعظ من كل ذلك، ونتجنب ارتكاب المزيد من الاخطاء في حق انفسنا وحق من وقف ولا يزال يقف معنا؟
اشك كثيرا في ذلك، فمن لم يكن بامكانه استبانة النصح ضحى الغد، ليس بامكانه استبانة النصح في اي غد.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top