6 دقائق مقابل 44640 دقيقة

من المهم جدا تجاوب المسؤولين الحكوميين مع ما يكتب في الصحافة من انتقادات لأداء مؤسساتهم ووزاراتهم، ولكن الاهم من ذلك دقة تلك الردود وصحتها.
كتبنا في 1/5 مقالا عن ملابسات الحادث المروري المؤلم الذي وقع في شارع الاستقلال قبل فترة، والذي فقد فيه خمسة من الابرياء ارواحهمِ وبينا انه كان من الممكن انقاذ ارواح البعض منهم لو لم تتأخر سيارات الاسعاف في الوصول الى مكان الحادث، وذكرنا ان السيارة الاولى وصلت بعد 45 دقيقة والثالثة بعد ساعة تقريبا.
وقد قام دِ موسى الجويسر، من ادارة التوعية والاعلام في وزارة الصحة، بالرد علينا وتكذيب كل ما ذكرناه في مقالناِ وقال ان سيارة الاسعاف الاولى وصلت الى مكان الحادث بعد 6 دقائق من تلقي البلاغ (!!!) وليس بعد 45 دقيقة، وان الثانية وصلت بعد 3 دقائق من وصول الاولى وبعدها وصلت السيارة الثالثة!
ووجه دِ الجويسر لنا مجموعة من النصائح، وطالبنا مستقبلا بضرورة الاتصال به لكي يعطينا الجواب الصحيح عن تساؤلاتنا.
نشكر الدكتور الجويسر على تفضله بالرد، ولا نود حقيقة التعرض له، لعلمنا بأن الخطأ لم يكن خطأه، وهو يقوم باداء ما هو مطلوب منه كمسؤول عن الاعلام، ولكن كنا نتمنى لو قام بالاتصال بنا لنريه ما تحت ايدينا من مستندات قبل ان يقوم بتسطير ذلك الرد غير الدقيق، ولنبين له ان خطأ قاتلا مثل هذا يمكن ان يتسبب حدوثه في دولة 'متقدمة' في فقد الكثير من الرؤوس الكبيرة لوظائفها، اما اعفاء او استقالة اعترافا بالمسؤولية، ولنبين له كذلك ان مرفق الاسعاف هو الاسوأ في وزارة الصحة، ويحتاج الى التطوير المستمر والتغيير الجذري الذي يجب ان يبدأ اولا من قمته، وقد توصلت الى هذه القناعات بعد ثلاث زيارات ميدانية لمراكز الاسعاف التابعة لوزارة الصحة في مبارك والجهراء والقرين والتي بينت لي الامور التالية:
1 - ان غالبية سيارات الاسعاف العاملة في الخدمة متهالكة ووضعها مقرف من الداخل وعداد البعض منها يشير الى ما يزيد عن 225 الف كيلومترِ وهذا رقم كبير جدا خاصة عندما نعلم بأن هذه المركبات لا تخضع الى اي نوع من الصيانة الدورية.
2 - جميع سيارات اسعاف الوزارة مصممة لنقل مصاب واحد فقط، اكرر مصاب واحد فقط، وهذا الوضع ادى وسيؤدي مستقبلا الى حدوث الكثير من الوفيات، حيث ان سيارة الاسعاف الاولى التي تصل الى مكان الحادث هي التي عادة ما تقوم بطلب سيارة او سيارات اسعاف اخرى في حال وجود اكثر من مصاب، ولك ان تتصور خطورة هذا الامر في الحوادث التي فيها اكثر من مصاب، وما اكثرها لدينا!ِ ويبدو ان دِ محمد الشرهان، مدير ادارة الطوارئ الطبية في وزارة الصحة، لم يسمع بوجود سيارات اسعاف ذات أسرة متعددة يمكن عن طريقها نقل اكثر من مصاب.
3 - هناك عدم ثقة بين الجمهور المتصل وبين الاسعاف، حيث يعتقد الجمهور ان سيارة الاسعاف ستتأخر ان تم الابلاغ عن حادث بسيط فيقوم في هذه الحالة بالمبالغة في البلاغ، ومن جانبهم لا يأخذ المسعفون بعض البلاغات بالجدية المطلوبة لشعورهم بأن فيها الكثير من المبالغة.
4 - سيارات الاسعاف الجديدة التي تم شراؤها مؤخرا طبقا لنظام المناقصات الحالي، المبني على ارخص الاسعار، ذات نوعية رديئة وخطرة ولم تقم ادارة الطوارئ الطبية بالابلاغ عن عيوبها الفادحة.
5 - توجد في بعض المراكز سيارات اسعاف ذات مواصفات عالية، ولكن هذه لا تستعمل الا للمسؤولين والشخصيات الكبيرة.
6 - لا يتم تحديد عدد العاملين في كل مركز اسعاف بناء على متطلبات وعدد حوادث كل منطقة من واقع سجلات الوزارة، بل كثيرا ما تتدخل الواسطة في تحديد منطقة عمل المسعفين وسائقي السيارات.
7 - يشكو المسعفون من تقصير اداراتهم في الوقوف إلى جانبهم في ما يتعلق بتعديل كوادرهم الوظيفية ومساواتهم بغيرهم من اصحاب الاعمال الخطرة كرجال الاطفاء مثلاِ ولا اعتقد ان من الانصاف ان نطلب من هؤلاء بذل اقصى الجهد وشعور الغبن يتملكهم في كل لحظة.
8 - مر اكثر من ربع قرن على بعض مراكز الاسعاف المؤقتة في بيوت خشبية متهالكة دون ان تطالها يد التغيير، وكل ذلك بفضل جهود المسؤول عن هذه المرافق!
لا نود الاطالة في هذا الموضوع بالرغم من أن في جعبتنا الكثير من الملاحظات التي نعتقد أهميتها، والتي سنقوم بارسالها خطيا الى الجهات المعنية في الوزارةِ اما مسألة التكذيب الذي ورد في تعقيب الدكتور الجويسر فان شريط الفيديو، الذي صور الحادث بعد وقوعه بدقائق لحظة بلحظة كاف لاثبات صحة ما سبق ان ذكر في مقالنا السابق، وسيتم اطلاع مسؤولي وزارة الصحة عليه ليحددوا مسؤولية كل طرف، وكيف تسبب هذا التقصير الفادح في فقد ارواح بريئة غالية كان من الممكن ان تكون لا تزال حية ترزق بيننا، ولكن على من نقرأ مزاميرنا!
ملاحظة اخيرة: ورد في رد دِ الجويسر نقلا عن ادارة الطوارئ ان سيارات الاسعاف التابعة لها قطعت المسافة بين مركز مستشفى مبارك الكبير ومنتصف شارع الاستقلال، حيث وقع ذلك الحادث الاليم في 6 دقائق فقط(!).
فاذا كان رد الوزارة على مقالنا استغرق وصوله الى 'القبس' شهرا كاملا او 44640 دقيقة، فهل يعقل ان تصل سيارة اسعاف الوزارة نفسها الى مكان اي حادث في فترة 6 دقائق؟.
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top