الدرك الرابع عشر بعد المائة

لم استطع، ولأسباب خاصة، تلبية الدعوة لحضور الحفل الكبير الذي أقامته جامعة الكويت بمناسبة الملتقى الأول لخريجيها من دفعة السبعينات، ولكن حرصت على مشاهدة لقطات من الفيلم الذي عرضه التلفزيون عن حفل اللقاء، ولفت نظري عدد الملتحين والمنقبات ولابسات الحجاب بين الحضور الذين تم تكريمهم، والذين تجاوزوا جميعا الخمسين من العمرِ وقارنت ذلك بما كانت عليه الأمور في السبعينات، وقبل ان يغزونا الجراد الفكري المتخلف، عندما لم يكن بين كافة طلاب وطالبات الجامعة الاربعمائة، أي ملتح أو منقبة او متحجبة لأسباب سياسية.
تخرجت الدفعة الأولى بعد ان قضت اربع سنوات كاملة على مقاعد دراسة مختلطة بدون حواجز بين الذكور والإناث، غير ما كان يفرضه الذوق العام وما كانت تتطلبه آداب العلاقات الطبيعية بين البشر، وانتهت من دراستها بكل هدوء دون ان نسمع او نقرأ عن فضائح الاختلاط وشرور السفور او مصائب عدم لبس غطاء الرأس او معصية ترك 'الحنك' عاريا من الشعر، واخذت استعرض اسماء خريجي وخريجات الدفعة الأولى فوجدت بينهم الكثير من الشخصيات التي قادت البلاد في السنوات الثلاثين الماضية، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفي مختلف المجالات، والذين ساهموا، على الرغم من ان دراستهم كانت مختلطة، في الارتقاء بالكويت وجعلها على ما هي عليه الآن من تقدم ورقي نسبي مقارنة بالعديد من الدول العربية والإسلامية الاخرى، وكان من الممكن ان تكون الكويت اكثر تقدما بكثير لولا ذلك البلاء الذي زحف علينا منذ ربع قرن والذي لا يزال جاثما على صدورنا.
لقد رأينا ما أخرجته الجامعة من مواهب وكفاءات في ظل نظام اختلاط كامل قبل ثلاثين عاماِ وليس من الصعب تخيل مستوى مخرجات الجامعة بعد تطبيق نظام الفصل الكامل بين الجنسين دراسيا واجتماعيا!! ونتمنى ان تتغير الامور ويتم الغاء قانون منع الاختلاط المخجل قريبا، لكي لا نضطر الى ضرب الكف بالكف 'تأسفا وتحسفا' على ما ستؤول اليه الأمور، هذا ان طال بنا العمر الى التسعين، ولكن ربما سيكون الوقت قد تأخر كثيرا لاجراء أي اصلاح بعد ان نكون قد وصلنا الى الدرك الرابع عشر بعد المائة بين شعوب الأرض!
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top