عجز الدولة ونكران ذات مواطن

ازداد في السنوات العشرين الاخيرة عدد العمارات الشاهقة في الكويت، واصبح المرء يراها في كل مكان، وتجاوز ارتفاع البعض منها الثلاثين طابقا، لكن بالرغم من كل ذلك ظلت عقلياتنا وبالتالي وسائل دفاعنا المدني وخدمات الطوارئ لدينا جامدة الى ما قبل عشرين عاماِ وعند ارتفاعات مخازن الشويخ وبيوت وجواخير الصليبية.
كشف حريق مبنى 'الماريوت' الذي وقع قبل ايام قليلة العجز المخيف الذي ترفل به مختلف اجهزة الدولة بحيث تطلب الأمر تدخل مروحية يمتلكها مواطن فاضل لانقاذ عدد من العمال عجزت كافة اجهزة الدولة عن انقاذ حياتهم التي كانت مهددة بموت محقق، وهذا يمثل قمة العجز الاداري وعدم الاحساس بالمسؤوليةِ ولو حدث مثل هذا الأمر في الكثير من الدول لنتج عنه تطاير الكثير من الرؤوس الكبيرة، ولكن ما العمل ونحن نرى بأن المحاباة من جهة والجهل من جهة اخرى قد تسيدا الساحة منذ فترة ليست بالقصيرة؟.
لم يمر غير يوم واحد على نشرنا مقالا انتقدنا فيه تقصير مسؤولي الطوارئ الطبية في وزارة الصحة وعجزهم عن توفير سيارات اسعاف تتسع لأكثر من مصاب، وانتقادنا لحكومتنا بسبب هذا التقصير الفادح في توفير أبسط وسائل المساعدة الطبية، حتى وقع حريق برج الماريوت ليكشف لنا بأن المشكلة أكبر بكثير مما تصورنا، فعندما قامت بلدية الكويت بالموافقة على مخططات بناء تلك العمارات الشاهقة منذ عقود لم تبادر في الوقت نفسه إلى تطوير طريقة عمل ووسائل مكافحة الحرائق في ادارة الاطفاء الواقعة تحت سلطتها المباشرة، بحيث تشمل الحرائق والكوارث التي من الممكن ان تقع في الطوابق العليا لمثل هذه المباني شاهقة الارتفاع، بل انشغلت بتوزيع الرتب والنياشين على موظفي الادارةِِ إن هذا التقصير الخطر في وسائل وأدوات الدفاع المدني والطوارئ الطبية لا يمثل خطرا على المواطنين فقط بل يتسبب ايضا في وقوع خسائر مادية كبيرة، اضافة الى انه يمثل خطرا كبيرا على حياة القائمين بمثل هذه الأعمال من رجال الاطفاء البواسل الذين أصيب الكثيرون منهم في مختلف المهام بسبب تواضع وسائل دفاعاتنا المدنية.
نطالب نواب الأمة بالاهتمام بمثل هذه المسائل الحيوية المهمة بدلا من التركيز على مواضيع أسلمة مباريات المونديال.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top