رسالة الى 'كاراثيا

في ابريل 1898، وبعد مرور شهرين على انفجار البارجة الاميركية مين maine في ميناء هافانا، اعلنت الولايات المتحدة الاميركية الحرب على اسبانيا، التي كانت وقتها تستعمر كوبا، بحجة انها كانت السبب وراء تلك الكارثة البحرية، واتضح بعد فترة ان الانفجار كان نتيجة خلل فني.
بدأت الولايات المتحدة بحصار كوبا التي كان في حاميتها 80 الف جندي اسباني سبق ان تواجدوا في الجزيرة للقضاء على حركة التمرد او التحرر التي نشبت فيها، والتي كان قوامها اربعة الاف ثائر.
حاولت الحكومة الاميركية بشتى الطرق الاتصال بالثوار وتقديم مختلف انواع الدعم لهم، وطلب الرئىس الاميركي وليم ماكنلي ايصال رسالة منه الى زعيم الثوار، 'كالاكتو كارثيا'، ومن اجل ذلك جمع رؤساء دوائر الاستخبارات وحثهم على العمل بصورة سريعة على ايصال رسالته.
بسبب البيروقراطية من جهة وجهل اجهزة المخابرات بمكان تواجد زعيم الثوار اخذ كل رئيس جهاز يلقي العبء والمسؤولية على الاخر، وهنا ضاق الرئيس بهم وطردهم من مكتبه واستدعى احد مرافقيه الشباب وكان ضابطا برتبة ملازم، يدعى 'اندرو بروان'، وطلب منه توصيل رسالته الى زعيم الثوار والعودة بالجواب.
نجح الملازم وخلال اربعة ايام فقط، في تسليم الرسالة والعودة الى البيت الابيض بالجواب.
بعد عام تقريبا من تلك الحادثة، اي في فبراير 1899، نشر صاحب مجلة مغمورة، في معرض انتقاده للبيروقراطية الحكومية وتباطئها وكسلها، مقالا وصف فيه الملازم الشاب بانه بطل الحرب الاميركية الاسبانية، وان له الفضل في استقلال كوبا، وسرد قصته كاملة كما سمعها من ابنه الذي كان من معارف الملازم الشجاع.
كانت ردود الفعل على تلك المقالة هائلة، وطلب عدد كبير من القراء اعادة نشرها لكي يتسنى لعدد اكبر الاطلاع عليها، وهكذا اصبح موضوعها حديث الساعة والساحة.
وقع نظر رجل اعمال روسي، كان في زيارة عمل للولايات المتحدة على تلك المقالة، ويبدو ان الامور في وطنه لم تكن بأحسن مما كانت عليه في اميركا، فقام بترجمة المقالة ونشرها في الصحف الروسية، وتزامن النشر مع دقات طبول الحرب الروسية اليابانية، وهنا قررت القيادة الامبراطورية/ القيصرية الروسية العليا تعميم المقال على جميع العسكريين والمجندين الذين كانوا في طريقهم الى جبهات القتال لإذكاء روح التصرف السريع في الملمات في نفوسهم دون اللجوء الى التردد في اتخاذ القرار.
اثار وجود ذلك المقال في جيوب الجنود الروس الذين وقعوا في اسر القوات اليابانية، فضول واعجاب القادة اليابانيين، فقاموا بترجمة المقال وتعميمه على جميع قطاعات الدولة المدنية والعسكريةِ انتشرت في الوقت نفسه ترجمة ذلك المقال في كل من المانيا وفرنسا واسبانيا وتركيا وحتى الصين، حتى بلغ عدد مرات نشره ما يقارب الاربعين مليونا.

ملاحظة:
ارسل لنا صديقنا اللندني فكرة هذا المقال قبل فترة، وقال ان احداثها وقعت قبل اكثر من قرن من الزمن، وتمنى علينا نشر الفكرة، وها نحن نقوم بذلك، ولسان حالنا يقول اننا لو قمنا بإيراد الاجراءات المطلوب اتباعها للحصول على ترخيص محل في الكويت وقمنا بطباعتها وتوزيعها كنشرة على الجنود الروس واليابانيين والالمان وحتى الصينيين لوقع نصفهم مغشيا عليه!!.

الارشيف

Back to Top