ليسمح لنا الزميل الغبرا

دأب 'مركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية' في جامعة الكويت في الاونة الاخيرة، ومنذ ان تولى ادارته الزميل شفيق الغبرا، على اصدار نشرات شهرية تحليلية لمختلف الاتجاهات في العالم العربيِ ويصب هذا النشر في قناة تنوير المواطنين بمجريات الاحداث من حولهم، وهو جهد كبير يجب ان يشكر عليه القائمون على ادارة المركز.
* * *
وردت الفقرة التالية في آخر نشرة صدرت من مركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية: اشار 'تقرير التنمية البشرية العربية' الى ارقام واحصائيات تبين بوضوح تخلفا عربيا مذهلا في عالم يتقدم بسرعة غير عادية في كل يومِ واكد التقرير ان غياب الديموقراطية والمساواة والشفافية والمشاركة في التخطيط وفي الحكم، عوامل رئيسية ادت إلى هذه النتائج المأساويةِ واشار التقرير، على سبيل المثال، الى ان العرب يصرفون 2 في الالف من دخلهم القومي على البحث العلمي، بينما تصرف اسرائيل عشرة اضعاف ذلك على النشاط نفسه (!) وذكر التقرير كذلك ان مقابل كل عالم عربي متفرغ هناك 25 عالما اسرائيلياِ كما ذكر التقرير ان نسبة الفقر في الوطن العربي بشكل عام تصل الى 20%.
وذكرت نشرة 'مركز الدراسات الاستراتيجية' ان هذه الارقام المرعبة هزت الجمهور العربي في كل مكان، بعد ان تبين من التقرير ان معدل التنمية في الوطن العربي هو الاقل بين مختلف دول العالم(!).
لا اعرف حقا كيف يمكن ان يصاب جمهور يوصف بأنه ينتمي إلى دول هي الاقل من ناحية التنمية على مستوى العالم اجمع بالذهول من تقرير يقول إن عدد علماء اسرائيل وما ينفقونه على البحث العلمي يزيد بكثير عما هو سائد في الدول العربيةِ فكوننا من الدول ذات التنمية الهابطة كفيل بجعلنا من فاقدي الدهشة والذهول اصلا.
وليسمح لنا الزميل الغبرا، او من اعد التقرير، بالاختلاف معه بخصوص حالة الهلع التي قال إن الجمهور في كافة الدول العربية قد اصيب بها نتيجة ذلك التقرير، حيث ان اوضاعا، وهنا أتكلم عن منطقة الخليج، حيث لا اعرف الكثير عن اوضاع شعوب الدول العربية الاخرى غير انحصار سهم 90% منها في وضع الرغيف امام افواه جائعة او التفكير بالهرب في حاوية شحن الى دولة اوروبيةِِ فالاوضاع في دول الخليج عادية، ولا يبدو ان هناك من اصيب او سيصاب بالهلع والدهشة من تقارير 'مغرضة'ِ كما ان ليس بامكان هذا التقرير، او ما هو اسوأ منه، تحريك شعرة واحدة في اي منطقة في اجساد اهل المنطقة المكسوة بأفخر انواع القماشِ فالاوضاع عندنا جميلة حيث لا نزال ننفق مئات ملايين الدنانير على البخور ودهن العود، ولا تزال اعداد كبيرة منا تزور السحرة والمشعوذين، ولا نزال نقرأ تفاسير الاحلام، نؤمن بأن أحدا ما، مكشوفا عنه الحجاب، سيعرف طالعنا وما خفي من مستقبل ايامنا، وانه سيظهره لنا ولو بعد حينِ ولا يزال الملايين منا يهبون صباح كل يوم، وليس مهما في اية ساعة، الى اعمالهم دون ان يشكوا او يتذمروا من الجوع او العطش.
الا تكفي كل هذه الدلائل لتؤكد أننا شعوب فقدت الدهشة بعد ان توقفت عن نيل المعرفة، فالدهشة مرادفة لهاِ كما اصبح الهلع الوحيد يكمن في عدم القدرة على توفير لقمة العيش، ولا نقول الدواء والكساءِ واصبح الرعب الحقيقي يعني الفشل في عبور البحر بطريقة غير شرعية لدولة تتوافر فيها فرصة عمل يتيمة!.

الارشيف

Back to Top