نساء أفغانستان وشقراء صاحبنا

أرسل لي من كنت اعتقد بصلاح فكره ورجاحة عقله رسالة عن طريق الانترنت، ضمنها مقالا كتبه احد الزملاء عن تجربة صحافية انكليزية 'شقراء' مع نظام طالبان، والتي حضرت الى الكويت قبل ايام لإلقاء محاضرة عن تجربتها الشخصية مع ذلك النظام الحقير.
ذكرت تلك الصحافية على ذمة زميلنا، في محاضرتها أنها وقعت في اسر قوات طالبان قبيل القصف الاميركي لافغانستان، حيث ذكرت انهم عاملوها معاملة حسنة ومبهرةِ وقالت انها عوملت كذلك بالرغم من انها تجرأت عليهم وشتمتهم وسخرت منهم وتحدتهم، وانها قذفت 'بصقة' قوية في وجه احد محاوريهاِِ!
كل ذلك وغيرها من الاهانات والتحدي لم يكن له اي اثر على رجال 'الطالبان' الذين استمروا في حسن معاملتهاِ واستطردت في القول ـ وايضا على ذمة زميلنا الذي حضر محاضرتها، التي اراد من رتب لها ان تكون مقتصرة على الملتحين ـ إنهم استمروا في حسن معاملتها حتى عندما اكتشفوا من اللحظة الاولى أنها انكليزية متخفية في لباس افغانية!! وانهم اطلقوا سراحها بعد ذلك، وبدأت في قراءة القرآن وأسلمت بعدها.
* * *
يبدو اننا لا نزال نعيش في عالم عبدالله عزام الذي حارب الروس من خلال معجزات الافغانِ وان فقرنا المدقع فيما يتعلق بقصص الاطفال و'الحواديت' والحكايات الطريفة، دفع بالبعض منا لاختلاق المعجزات!! لا ادري مدى صحة رواية هذه الشقراء 'الانكليزية'، ولست في معرض تكذيب روايتها، ولست بوارد التشكيك في اسلامها، او حتى نفي او تأكيد وجودهاِ ولكني اجد غصة في حلقي تمنعني من تصديق ما سطرته أناملها الرقيقة، او باح به صوتها 'العورة' امام ذلك الجمع من الملتحين وهي تسرد حسن معاملة رجال طالبان لها وهي تشتمهم وتسخر منهم وتحقرهم وتبصق في وجوههم!! كل ذلك، ورجال 'طالبان' يقفون امامها كالبلهاء يمسحون ما تطاير من فمها من رذاذ، وما علق على وجوههم 'الكريمة' من بصاق كافرة مشركة نجسة!
كنت سأصدق كل ذلك لو لم تشاهد عيناي وعيون مئات الملايين من مشاهدي التلفزيون وعدسات المصورين، ومنهم عدسة كاميرا تلك الانكليزية الشقراء، كل تلك الاهانات والضرب بالسياط وخراطيم المياه والعصي التي كانت تنال من ارجل وظهور النساء الافغانيات، دون شفقة ولا رحمة، في مختلف شوارع كابول على ايدي رجال الطالبان 'الارقاء الملائكة الرحماء'.
قد تكون تلك الانكليزية الشقراء صادقة في ما ذكرته، ولكن العالم اجمع شاهد افعال ذلك النظام الاسود وقسوته الرهيبة مع الفتيات والنساءِ فقد كان النظام الوحيد في العالم الذي حرم النساء من العمل ومن الخروج من البيت ومن التعليم، بعد ان اغلق كل مدارس تعليم الفتيات واغلق جامعة كابول امام الطالبات.
ربما تأثر قلب تلك 'الشقراء الانكليزية' في حسن معاملة رجال طالبان لها فدخلت الاسلام بأمانِ ولكن من المؤكد، في الجانب الاخر، ان سوء معاملة رجال طالبان لامهاتهم واخواتهم وبناتهم وجميع النساء الافغانيات قد افقد الكثيرات منهن ما كان لديهن من ايمان!.
* * *
ملاحظة:
في الوقت الذي نشكر فيه السيد برجس البرجس على تعقيبه امس على ما ذكرناه عن معاناة الخدم الاندونيسيين المحجوزين في سفارة بلادهم، ودور الهلال الاحمر، الذي يترأسه صديقنا ابو خالد بكل اقتدار، في مساعدة هؤلاء، فإننا نستغرب لهجة تعقيبه التي تضمنت عتبا علينا بسبب ما غاب عن بالنا من دور للهلال الاحمر في مساعدة الخدم المنكوبينِِ! دور الهلال الاحمر لم يغب عن بالنا قط، وعتبنا كان منصبا على تقاعس الجمعيات التي تدعى ب'الخيرية' عن فعل الخير.
نتمنى على الصديق البرجس العودة إلى قراءة ملاحظتنا السابقة!

الارشيف

Back to Top