الشيطان والآنسة 'بريم'

لا اميل عادة، ولأسباب كثيرة، لقراءة الاعمال الادبية المترجمة، وبالذات الروايات منهاِ وربما يعود ذلك الى تخلف الصناعة، او فن الترجمة لدينا كتخلف اي فن وكل صناعة في اوطاننا.
وقبل ايام وجدت في مكتبتي كتابا مغلفا بعناية شديدة بعنوان 'الشيطان والآنسة بريم'، رواية للكاتب 'باولو كويلو'ِ عندما ازلت التغليف عنه وجدت انها قصة مترجمة عن الاسبانية وان مؤلفها كاتب برازيلي معروف لدى الكثيرين، وهو صاحب رواية 'الخميائي' الشهيرة.
تصفحت الكتاب فوجدت انه ترجم عن لغته الاصلية من قبل جواد صيداوي وبسام حجار وقام بتدقيق لغته روحي طعمة، وهذه هي المرة الاولى التي اجد فيها مترجمين اثنين ومراجعا مدققا لرواية لا يزيد عدد صفحاتها على 180 بكثير، مما يعطيها بنظري، ميزة اضافية وجدية مطلوبةِ كما تبين لي ان مؤلفها قد وافق شخصيا، وعن طريق ممثليه القانونيين، على قيام 'دار المطبوعات للتوزيع والنشر' في بيروت بمهمة نشر الكتاب وتوزيعه، مما اضفى على الترجمة جدية اكثر، فقد سئمنا حقا محاولات الكثير من دور النشر العربية، وفي لبنان بالذات، سرقة جهود وابداعات الاخرين وترجمتها بطريقة مشوهة وغير قانونية وتوزيعها على انها من 'عيون ومناخير الادب العالمي'!
احتوى الكتاب على مقدمة مميزة للمؤلف قام بكتابتها بمناسبة ترجمة رواياته من تلك الدار باللغة العربيةِ وبين في المقدمة مدى تأثره بالتراث العربي الاسلامي، وفي الجانب المتصوف منه بالذاتِ كما قام كذلك بكتابة ملاحظات قيمة على الرواية بينت بعدها الانساني، والصراع المعتاد في النفس البشرية بين الخير والشر وما لذلك من جوانب فلسفية واخلاقية.
رواية 'الشيطان والآنسة بريم' رواية مميزة بمعنى الكلمة وهي تتكلم عن شخص غريب يحل على اهل قرية صغيرة لا يزيد عدد سكانها على 280 فردا من رجال ونساء، بعد ان غادرتها الاسر التي لديها اطفال صغار، ومعه شحنة كبيرة من السبائك الذهبيةِ ولأسباب غريبة يرد ذكرها في الرواية، يعرض على اهل القرية تخليه عن سبائكه الذهبية لهم، وهذا سيحل كل مشاكلهم الحياتية ويذهب عنهم الفقر الى الابد، مقابل موافقتهم على اشتراكهم جميعا في جريمة قتل شخص يختارونه من بينهم!
في هذه الرواية، كما ذكر ناشرها، لا يبتكر 'باولو كويلو' اجوبة عن الف سؤال، ولكنه يجعل من التأمل في شرط الحرية مدخلا للاجابةِ كأنه يقول: ليس مهما ان تفضي بك الدرب الى اليقين، بل المهم ان تسلك الدرب!
أنصح محبي القراءة بهذه الرواية ليس فقط لجمال حبكتها واتقان ترجمتها بل ايضا لتشجيع الصناعة الجيدة غير المشوهة وغير المسروقة.

الارشيف

Back to Top