الخلل الثقافي والإنساني.. وشجاعة صدام!

«.. من يزعم أن صدّام كان جباناً، وتم العثور عليه في حفرة، هو مخطئ. فصدام كان عكس ذلك، و(الكل) شهد له بعدم الخوف، ومواقفه أثبتت ذلك، وأنه شجاع، وأن من يقول إنه جبان هو شخص كاذب، فصدام شجاع، بل أزعم أنه أشجع رجال عصره، في الكوكب! ولا نقاش في ذلك، ورجل له هيبة.
 
أما إخوته برزان وسبعاوي ووطبان، فإن أكثرهم «نبلاً» هو برزان(!!)»

(الإعلامي «الكويتي» محمد الوشيحي)!
***
أعتقد، من الناحية النفسية، أن صدام كان شخصاً حقيراً وجباناً، في قرارة نفسه! فمن يُقدم بدم بارد، ومع سبق الإصرار والترصد، على قتل كل من يخالفه، حتى أقرب الناس إليه، وعلى أتفه الأمور، فهو شخص جبان، يعيش في عالم من الخوف والرعب، ويفضل قتل معارضيه كي لا ينقلبوا عليه مستقبلاً، كما انقلب هو على من اختلف معهم.

التهور الذي اشتهر به صدام، وإقدامه على القيام بأمور صعبة لا تعني أبداً أنه شجاع، بل هي من صفات الدكتاتور المستبد، منتهك حقوق الإنسان، الذي اشتهر باعتقال وتعذيب مناوئيه، قبل إعدامهم. كما استخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه. وهوسه بعبادة الشخصية، وسعيه وراء القوة والنفوذ الإقليمي، جعلاه شخصاً كريهاً في نظر الكل تقريباً.

الإنسان الشجاع لا يتخفّى في حفرة! والإنسان الشجاع غالباً ما يكون صاحب كرامة وعزّة نفس، لا يقبل الإهانة، فكيف استسلم صدام لجندي أميركي مد يده له، وأخرجه كالجرذ من الحفرة التي اختبأ فيها لأشهر عدة. كما كان معه سلاح، ومع هذا لم يستخدمه لا في الدفاع عن نفسه، ولا في التخلّص من حياته، مع عميق إدراكه بما ينتظره من تشفي أعدائه به، والإهانات العميقة التي ستطوله.

كما أن تصرفه والأطباء الأميركيين يقلبون رأسه بين أيديهم ويفحصون – بطريقة مهينة – نظره وأسنانه، وهو مستسلم لهم تماماً من دون اعتراض، ولا حتى تأفف، تبيّن جميعها مدى جبنه، وتشبثه بالحياة، وهو مهان.

أما ما سبق أن ذكره الأكاديمي والسياسي السابق عبدالله النفيسي، في وصفه لصدام، بأنه يخلق جواً مكهرباً حوله، عندما يسير في الشارع، يتكهرب كل شيء لهيبته، قوة شخصيته، فقد سبق أن رددنا عليه وعلى كل الهراء الذي قيل في مدح صدام، فالعاقل يرى فيه ما يجب أن يُرى. فالخوف من بطشه، كرجل أرعن بلا رحمة يأمر بقتل من لا يحب في لحظات، يجعل من الطبيعي رهبة الناس الذين من حوله، فهو ليس مهاباً كإنسان مميز وعالم، بل لإجرامه وسوء سيرته، منذ كان مراهقاً، ومكلفاً تنفيذ القذر من عمليات تصفية المعارضين، ولما قام به من أعمال سلب وبلطجة كان يمارسها بلذة!
***
غريب هذا الميل عند البعض إلى هؤلاء الطغاة من أصحاب أقذر السيَر، ولا شك أن هذا دليل مشاكل نفسية، فكيف يُمجّد ويُمدح من كان السبب وراء تخلّف وطنه لقرون، والذي غزانا واحتل وطننا، وغدر بقيادتنا، وقتل الآلاف منا، من دون شفقة ولا رحمة، وحتى عندما أُجبر على الانسحاب، ذليلاً حقيراً، دفعته خسته وجبنه إلى أن يحرق آبارنا، من إحساسه بمرارة الهزيمة والاندحار، ليتشفّى بعد ذلك بشعبه الثائر في الجنوب، وبدلاً من أن يصوّب بنادقه إلى مَن أذلّه، وجهها إلى صدور الأحرار من شعبه، وبذلك يكون قد خسر حربه مرتين. والاستقواء على الضعيف – في حالتنا وشعبه – بالتأكيد من صفات الجبناء وليس الشجعان.. فكيف يصفون – بكل قوة عين – من كانت سيرته بهذه الوضاعة والخسّة، بأنه شخص مهاب والأشجع في الكوكب؟!

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top