إسرائيل وجهودنا العلمية

حصل لبس في مقالي الأخير عن مؤسسة التقدّم العلمي، حيث اختلط رأيي الشخصي مع آراء الباحثة أماني البداح، لذا اقتضى التنويه، فأغلبية ما ورد في المقال كان يمثّل رأيي.
***
على الرغم من الاتصالات التي وردتني من شخصيتين كريمتين، بخصوص رأيهما في عدم صحة ما ذكرته من قانونية دفع الشركات المساهمة لـ%1 من أرباحها لمؤسسة التقدم العلمي، لاعتقادهما بعدم دستوريتها، وعدم دستورية ما سبقها من مراسيم أميرية تتعلق بتخفيض النسبة مرتين، وكيف أن فرض هذه النسبة وتعديلها من صميم أعمال مجلس الأمة، وهذا ما لم يتحقق، إلا انني باقٍ على رأيي بسلامة الوضع الحالي، وضرورة استمراره، بعد مرور قرابة نصف قرن عليه، وتكرّس من عام 1976 وبمبادرة وقبول من مجالس إدارات الشركات المساهمة، التي قامت بتأسيس «مؤسسة التقدم العلمي»، ولم تفرضها أية جهة عليها، وجاءت التخفيضات التالية بناء على مطالباتها، واعتبرت حينها ولا تزال نوعاً من المساهمة في المسؤولية المجتمعية. كما سبق أن صدر عن «الفتوى والتشريع» رأي بصحة دفع الشركات المساهمة للنسبة، وعدم اعتبارها ضريبة، بل مساهمة.

نعود إلى وضع مؤسسة التقدم العلمي، ونضيف بأن المشكلة لا تتعلق بعدم دستورية الاستقطاع، فهذا أمر يمكن لمجلس إدارة المؤسسة البت فيه مستقبلاً، ولكن يتعلق بغياب دور مؤسسيها الأوائل في إدارتها، فلا يستوي تغييبهم، مع افتراض أن ما يدفعونه سنوياً هو مساهمة منهم، كونها «مسؤولية مجتمعية» وليست ضريبة. فغياب الحاكمية والشفافية عن أعمال المؤسسة دفع البعض إلى التفكير في الطعن بدستورية ما يتم تحصيله من الشركات المساهمة.

كما أن مشكلة المؤسسة الثانية تتعلق بالآمال الكبيرة التي وضعت على عاتقها، ولم يتحقق منها الشيء الكثير. وهذا صحيح، لكن قبل وضع اللوم على المؤسسة، يجب أن نعرف أن ما تجمّع لديها من أموال يقارب 700 مليون دينار، ومن عوائد هذا المبلغ فقط يتم الصرف على مشاريع المؤسسة، فاستدامة المؤسسة تتطلب حصر الصرف ضمن العوائد المتاحة، وليس من المبلغ الأساسي. وحتى لو قامت المؤسسة بصرف كامل ما تحت يدها من أموال، فهو ليس كافياً حقيقة للصرف على مشروع ضخم ومكلف كالبحث العلمي.

فإسرائيل، التي نعتبرها عدوتنا، ولم نتعلم منها شيئاً، والتي انتصرت علينا في كل ميدان عسكري ومدني وحضاري، لم يكن ليتحقق لها ذلك لولا ما صرفته، منذ قرن تقريباً، على البحث العلمي، وإنشاء المختبرات المتقدمة، واستقدام العقول النادرة، وهذا جعلها الدولة الأكثر تقدماً وقوة في المنطقة، فالبحث العلمي يتطلب صرف المليارات، وليس الاكتفاء بصرف عشرات الملايين، يذهب جلها للرواتب وغيرها!

إن المؤسسة بحاجة إلى رؤية مستقبلية واستراتيجية جديدة وواضحة، مع اهتمام أكبر من الحكومة بأعمالها، وهذا يتطلب زيادة مساهمتها في موازنتها من خلال تخصيص نسبة مئوية من الميزانية العامة للدولة لها، حينها، وحينها فقط، يمكن محاسبة المؤسسة على منجزاتها.

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top